ولا تضلوا بعد البيان، وكيف بكم وأنى ذلك منكم! ألا وإني قد بايعت هذا - وأشار بيده إلى معاوية - * (وإن أدري لعله فتنة لكم ومتاع إلى حين) * (1).
أيها الناس، إنه لا يعاب أحد بترك حقه، وإنما يعاب أن يأخذ ما ليس له، وكل صواب نافع، وكل خطأ ضار لأهله، وقد كانت القضية ففهمها سليمان فنفعت سليمان ولم تضر داود، فأما القرابة فقد نفعت المشرك وهي والله للمؤمن أنفع، قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) لعمه أبي طالب وهو في الموت: " قل لا إله إلا الله، أشفع لك بها يوم القيامة " ولم يكن رسول الله (صلى الله عليه وآله) يقول له إلا ما يكون منه على يقين، وليس ذلك لأحد من الناس كلهم غير شيخنا - أعني أبا طالب، يقول الله عز وجل: * (وليست التوبة للذين يعملون السيئات حتى إذا حضر أحدهم الموت قال إني تبت الان ولا الذين يموتون وهم كفار أولئك أعتدنا لهم عذابا أليما) * (2).
أيها الناس، اسمعوا وعوا، واتقوا الله وراجعوا، وهيهات منكم الرجعة إلى الحق وقد صارعكم النكوص وخامركم الطغيان والجحود * (أنلزمكموها وأنتم لها كارهون) * (3) والسلام على من اتبع الهدى.
قال: فقال معاوية: والله ما نزل الحسن حتى أظلمت علي الأرض، وهممت أن أبطش به، ثم علمت أن الإغضاء أقرب إلى العافية (4).