بين من يخلق ومن لا يخلق.
والعدلية لم يعبروا عن فعل العبد بأنه خلقه، وإنما يقولون:
أوجده على حسب اختياره، ونسبة ذلك إليهم بهت.
وقد قامت الدلالة العقلية على أن ثم فرق بين الحركة الاضطرارية والاختيارية.
وأما قوله تعالى: (وما بكم من نعمة من الله) (1) فالعدلية يعترفون أن الايمان نعمة من الله أنعم بها على المؤمنين بالدعاء والعقل، وبعثة الرسل، وانزال الكتب والالطاف.
وأما قوله تعالى: (ولقد صرفنا في هذا القرآن ليذكروا وما يزيدهم إلا نفورا) (2) فقد ذكر الله العلة في ذلك، وهو إرادة أن يذكروا فأبوا إلا نفورا عن الحق، وليس فيها ما يدل على أنه لم يرد ايمانهم، بل ذكر العكس.
وأما قوله تعالى: (ولا تطع من أغفلنا قلبه عن ذكرنا) (3) فمعناه من جعلنا قلبه غافلا عن الذكر بالخذلان لاتباعه هواه، أوجدناه غافلا عنه، كقولك: جبنته، وأبخلته إذا وجدته كذلك، أو من أغفل إبله إذا تركها بغير سمة، أي لم نسمه بالذكر.
وقد أبطل الله توهم المجبرة بقوله: (واتبع هواه).