أعلمنا النبي صلى الله عليه وآله وسلم بالدجال وكفره، والمهدي وهداه، وليس لعلمنا أثر في الدجال والمهدي، وما علم الله إلا بهذه المثابة.
فصل وأما نفي الحسن والقبح العقليين فقالت الجبرية: لأحسن ولأقبح للأفعال قبل ورود الشرع، فلا حكم للعقل في حسن الأشياء وقبحها، فلو عكس الشارع القضية فحسن ما قبحه، وقبح ما حسنه لم يكن ممتنعا، وانقلب الامر فصار القبيح حسنا، والحسن قبيحا، كما في النسخ من الحرمة إلى الوجوب، ومن الوجوب إلى الحرمة، وهذه المسألة قراره مطلوبنا الذي هو الجبر، فكلما ألزمتمونا في خلق الله للأفعال، أجبنا عليكم بهذه المسألة.
ثم قالت الجبرية محتجين على ما ذهبوا إليه:
العبد مجبور في أفعاله، وإذا كان كذلك لم يحكم العقل فيها بحسن ولا قبح، لان ما ليس فعلا اختياريا، لا يتصف بهذه الصفات اتفاقا.
بيانه أن العبد إن لم يتمكن من الترك فهو الجبر، وإلا يكن كذلك بل تمكن من الترك، فإما أن لا يتوقف وجود الفعل منه على مرجح فالفعل اتفاقي، فلا يكون اختياريا، وإن توقف على المرجح، فإن كان المرجح لم يكن من العبد فالفعل مثله، وإن كان من العبد عاد التقسيم، وقد مر ذلك، ومر جواب العدلية عن ذلك.