ترجمة الإمام الحسن (ع) - من طبقات ابن سعد - الصفحة ٥٦
فقال: ألقها فإنها لا تحل لمحمد ولا لأهل بيته.
71 - قال: أخبرنا محمد بن عمر، قال: حدثني ابن أبي سبرة، عن داود بن الحصين، عن عكرمة، عن ابن عباس، قال: خرجنا مع علي إلى الجمل - ستمائة رجل - فسلكنا على الربذة فنزلناها، فقام إليه ابنه الحسن بن علي فبكى بين يديه وقال: إئذن لي فأتكلم، فقال علي: تكلم ودع عنك أن تخن خنين الجارية!
فقال الحسن: إني كنت أشرت عليك بالمقام وأنا أشير به عليك الآن!
إن للعرب جولة، ولو قد رجعت إليها عوازب أحلامها قد ضربوا إليك آباط الإبل حتى يستخرجوك ولو كنت في مثل جحر الضب. فقال علي: أتراني - لا أبا لك! - كنت منتظرا كما تنتظر الضبع اللدم (51).

(٥١) الخنين - بالخاء المعجمة - قال في النهاية: ضرب من البكاء دون الانتحاب، وأصل الخنين خروج الصوت من الأنف..
وهذا الأثر لا يصح فإنهما عليهما السلام كانا أتقى لله من أن يجابه أحدهما الآخر بمثل هذا الكلام، وعلى خلاف ما ثبت من سيرتهما وأدبهما، قال ابن كثير في تاريخه ٨ / ٣٧: وكان علي يكرم الحسن إكراما زائدا ويعظمه ويبجله، وقد قال له يوما: يا بني ألا تخطب حتى أسمعك؟ فقال: إني أستحيي أن أخطب وأنا أراك..
أقول: ويأتي هذا هنا بعد حديثين فراجع، فهذا الذي يجل أباه ويهابه أن يخطب بمشهد منه فكيف يواجهه بهذا الكلام القاسي واللحن الشديد! وهو الذي لم يسمع أحد منه كلمة فحش طيلة حياته، راجع ما يأتي في صفحة ١٥١، هذا بالنسبة إلى الأباعد والأعداء فكيف به مع أبيه الطاهر، والحسن - عليه السلام - هو أعرف الناس بمقام أبيه وقدسيته وطهارته وعصمته، وهو الذي ابنه عند مقتله بقوله:
والله ما سبقه أحد كان قبله، ولا يدركه أحد يكون بعده....
وهو عليه السلام يعلم أن أباه مع الحق والحق مع أبيه، يدور الحق مع أبيه حيثما دار. فالقصة مختلقة جزما وخاصة أن رجال سندها بين ضعيف وخارجي ناصب العداوة لهما.
فأما ابن أبي سبرة وهو أبو بكر بن عبد الله بن أبي سبرة، فهو ضعيف بالاتفاق بل وضاع، قال أحمد: كان يضع الحديث... وليس حديثه بشئ، كان يكذب ويضع الحديث.
الكنى للبخاري ص ٩، العلل ومعرفة الرجال لأحمد بن حنبل ص ١٧٨ رقم ١١١١، المعرفة والتاريخ ٣ / ٤٠، ميزان الاعتدال ٤ / ٥٠٣، تهذيب التهذيب ١٢ / ٢٧.
وأما داود بن الحصين فهو خارجي كان يذهب مذهب الشراة وكان ولاؤه لآل عثمان، قال أبو داود: أحاديثه عن شيوخه مستقيمة، وأحاديثه عن عكرمة مناكير. وقال ابن المديني: ما روى عن عكرمة فمنكر. وقال ابن حبان: تجب مجانبة روايته.
المجروحين لابن حبان ١ / ٢٩٠، ميزان الاعتدال ٢ / ٥، المغني في الضعفاء ١ / ٢١٧.
وأما عكرمة فاتفقت المصادر الرجالية والتاريخية على أنه كان من الخوارج ويرى رأي الخوارج، وكان داعية إلى بدعته وخرج إلى المغرب، فالخوارج الذين بالمغرب عنه أخذوا.
وقد كذبه مجاهد وابن سيرين ومالك - كما في المغني للذهبي،، وقد كذبه قبلهم سعيد بن المسيب، قال مصعب الزبيري: كان يرى رأي الخوارج فطلبه بعض ولاة المدينة فتغيب عند داود بن الحصين - الموافق له في النزعة كما تقدم - حتى مات. وقال أحمد: كان يرى رأي الصفرية.
الطبقات ٥ / ٢٩٣، المعرفة والتاريخ ٢ / ٧، ميزان الاعتدال ٣ / ٩٥ - ٩٦ المغني في الضعفاء ٢ / ٤٩٣، تهذيب التهذيب ٧ / 267.
(٥٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 51 52 53 54 55 56 57 58 59 60 61 ... » »»