أنعى أبا رافع تاجر أهل الحجاز فانطلق يحجل إلى أصحابه وقال قد قتل الله أبا رافع فاسرعوا وليتأمل هذا مع ما قبله وقوله أنعى هو بتفح العين وقيل الصواب انعوا والنعي خبر الموت والأسم الناعي ويقال له الناعية وكانت العرب إذا مات فيهم الكبير ركب راكب فرسا وصار يذكر أوصافه ومآثره وقد نهى صلى الله عليه وسلم عن ذلك ولا منافاة بين كونه انطلق يحجل إلى أصحابه وكونهم حملوه لأنه يجوز أن يكون عند وقوعه وحصول ما تقدم له لم يحس بالألم لما هو فيه من الاهتمام وقدر على المشي يحجل ومن ثم جاء في بعض الروايات فقمت أمشي ما بي قلبة أي علة مهلكة فلما وصل إلى أصحابه وعاد عليه المشي أحس بالألم فحمله أصحابه وهذا السياق يدل على أن الذي قتله عبد الله ابن عتيك وحده وهو ما في البخاري وفي رواية أن الذي كسرت رجله أبو قتادة لأنهم لما قتلوه وخرجوا نسي أبو قتادة قوسه فرجع إليها وأخذها فأصيبت رجله فشدها بعمامته ولحق بأصحابه وكانوا يتناوبون حمله حتى قدموا المدينة على النبي صلى الله عليه وسلم فمسحها فبرئت أي وقال لما رآنا أفلحت الوجوه قلنا أفلح أفلح وجهك يا رسول الله وأخبرناه بقتل عدو الله واختلفنا عنده صلى الله عليه وسلم في قتله كل منا ادعاه فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم هاتوا أسيافكم فجئناه بها فنظر إليها فقال لسيف عبد الله بن أنيس هذا قتله أرى فيه أثر الطعام قال والثابت في الصحيح كما علمت أن عبد الله بن عتيك هو الذي انفرد بقتله وان عدو الله كان يحصن بأرض الحجاز ولا منافاة لان خبير من الحجاز أي من قراه وريفه فلما دنوا من خيبر وقد غربت الشمس وراح الناس بسرحهم قال عبد الله لأصحابه اجلسوا مكانكم فإني منطلق ومتلطف للبواب لعلي ان أدخل فاقبل حتى دنا من الباب ثم تقنع بثوبه كأنه يقضي حاجته وقد دخل الناس فهتف به البواب يا عبد الله ناداه بذلك كما ينادي الشخص شخصا لا يعرفه وهو يظن أنه من أهل الحصن إن كنت تريد أن تدخل فادخل فإني أريد أن أغلق الباب فدخل وكمن فلما أغلق الباب علق المفاتيح قال ثم أخذتها وفتحت الباب وكان أبو رافع يسمر عنده فلما ذهب عنه أهل سمره صعدت اليه فجعلت كلما فتحت بابا أغلقته على من داخله حتى انتهيت إليه فإذا هو في بيت ظلم وسط عياله لا أدري أين هو من البيت قلت أبا رافع قال من هذا فأهويت نحو الصوت فضربته بالسيف فما أغنت شيئا وصاح فخرجت من البيت أي وعند ذلك قالت له
(١٥٣)