السيرة الحلبية - الحلبي - ج ١ - الصفحة ٤٩٠
ابن هشام وعتبة بن ربيعة أي وشيبة بن ربيعة وأمية بن خلف والوليد بن المغيرة فقال لهم أليس حسنا ما جئت به فيقولون بلى والله وفي لفظ هل ترون بما أقول بأسا فيقولون لا فجاء عبد الله بن أم مكتوم وهو ابن خال خديجة أم المؤمنين وهو ممن أسلم بمكة قديما والنبي صلى الله عليه وسلم مشتغل بأولئك القوم وقد رأى منهم مؤانسة وطمع في إسلامهم فصار يقول يا رسول الله علمني مما علمك الله وأكثر عليه فشق عليه صلى الله عليه وسلم ذلك فأعرض عن ابن أم مكتوم ولم يكلمه انتهى أي وفي رواية أشار صلى الله عليه وسلم إلى قائد ابن أم مكتوم بأن يكفه عنه حتى يفرغ من كلامه فكفه القائد فدفعه ابن أم مكتوم فعبس صلى الله عليه وسلم وأعرض عنه مقبلا على من كان يكلمه فعاتبه الله تعالى في ذلك بقوله * (عبس وتولى أن جاءه الأعمى وما يدريك) * السورة أي والمجئ مع الأعمى ينشأ عن مزيد من الرغبة وتجشم الكلفة والمشقة في المجئ ومن كان هذا شأنه فحقه الإقبال عليه لا الإعراض عنه فكان بعد ذلك إذا جاءه يقول مرحبا بمن عاتبني فيه ربي ويبسط له رداءه قال وبهذا يسقط ما للقاضي أبي بكر ابن العربي هنا انتهى أقول لعل الذي له هو ما ذكره تلميذه السهيلي وهو أن ابن أم مكتوم لم يكن أسلم حينئذ وإلا لم يسمعه بالاسم المشتق من العمر دون الاسم المشتق من الإيمان لو كان دخل في الإيمان قبل ذلك وإنما دخل فيه بعد نزول الآية ويدل على ذلك قوله للنبي صلى الله عليه وسلم استدنني يا محمد وليم يقل استدنني يا رسول الله ولعل في قوله تعالى * (لعله يزكى) * ما يعطى الترجى والإنتظار ولو كان إيمانه قد تقدم قبل هذا لخرج عن حد الترجي والإنتظار للتزكي هذا كلامه وعن الشعبي قال دخل رجل على عائشة رضي الله تعالى عنها وعندها ابن أم مكتوم وهي تقطع له الأترج وتجعله في العسل وتطعمه فقيل لها في ذلك فقالت ما زال هذا له من آل محمد منذ عاتب الله عز وجل فيه نبيه صلى الله عليه وسلم والله أعلم وفي فتاوي الجلال السيوطي من جملة أسئلة رفعت إليه فأجاب عنها بأنها باطلة أن أبا جهل قال يا محمد إن أخرجت لنا طاوسا من صخرة في داري آمنت بك فدعا ربه عز وجل فصارت الصخرة تئن كأنين المرأة الحبلى ثم انشقت عن طاوس صدره من ذهب
(٤٩٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 485 486 487 488 489 490 491 492 493 494 495 ... » »»