تنزيه الأنبياء - الشريف المرتضى - الصفحة ١٦
والحشوية (1) على الأنبياء الكبائر قبل النبوة، ومنهم من جوزها في حال النبوة سوى الكذب فيما يتعلق بأداء الشريعة، ومنهم من جوزها كذلك في حال النبوة بشرط الاستسرار دون الاعلان، ومنهم من جوزها على الأحوال كلها، ومنعت المعتزلة (2). من وقوع الكبائر والصغائر المستخفة من الأنبياء عليهم السلام قبل النبوة وفي حالها، وجوزت في الحالين وقوع ما لا يستخف من الصغاير، ثم اختلفوا فمنهم من جوز على النبي صلى الله عليه وسلم الإقدام على المعصية الصغيرة على سبيل العمد، ومنهم من منع من ذلك وقال إنهم لا يقدمون على الذنوب التي يعلمونها ذنوبا، بل على سبيل التأويل.
وحكي عن النظام (3)، وجعفر بن مبشر (4)، وجماعة ممن تبعهما، أن ذنوبهم لا تكون إلا على سبيل السهو والغفلة، وأنهم مؤاخذون بذلك، وإن كان موضوعا من أممهم لقوة معرفتهم وعلو مرتبتهم. وجوزوا كلهم ومن قدمنا ذكره من الحشوية وأصحاب الحديث على الأئمة الكبائر والصغائر، إلا أنهم يقولون إن بوقوع الكبيرة من الإمام تفسد إمامته ويجب عزله والاستبدال به.

(١) الحشوية: هم المحدثون القائلون بنفي التأويل.
(٢) المعتزلة: هم جماعة من المسلمين اعتمدوا على المنطق والقياس في مناقشة القضايا الكلامية.
أهم تعاليمهم:
١ - إن مقترف الكبيرة ليس بالكافر ولا بالمؤمن بل في منزلة بين المنزلتين.
٢ - حرية الاختيار، أي أن الانسان ذو إرادة حرة وليس مجبرا على إتيان أعماله.
٣ - خلق القرآن.
كما ناقشوا قضايا التوحيد والعدل والصفات الإلهية.
أشهر المعتزلة: واصل بن العطاء وعمرو بن عبيد، وهما انفصلا عن الحسن البصري.
(3) النظام: هو إبراهيم بن سيار (توفي 231 ه‍) تلميذ أبي الهذيل العلاف. متكلم معتزلي، نشأ في البصرة وأقام في بغداد حيث توفي. وهو معلم الجاحظ. عارض آراء الفقهاء وانتقد الجبرية والمرجئة. وإليه تنسب النظامية، وهي إحدى فرق المعتزلة.
(4) جعفر بن مبشر: وهو أحد المعتزلة أيضا.
(١٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 10 11 12 13 15 16 17 18 19 20 21 ... » »»
الفهرست