عجائب الآثار - الجبرتي - ج ٣ - الصفحة ٣٥٨
طائفة من القبانية ومن الخبازين ومن أرباب الصنائع والحرف وشددوا عليهم الطلب في أواخر الشهر فتغيبوا وهربوا فسمرت بيوتهم وحوانيتهم وكذلك الببازون والفرانون بالطوابين والأفران حتى عدم الخبز من الأسواق ولم يجد أصحاب البيوت فرنا يخبزون فيه عجينهم فمن الناس القادرين على الوقود من يخبز عجينه في داره أو عند جاره الذي يكون عنده فرن أو عند بعض الفرانين الذي تكون فرنه بداخل عطفة مستورة خفية أو ليلا من الخوف من العسس والمرصدين لهم وكذلك عدم وجود التبن بسبب رصد العسكر في الطرق لأخذ ما يأتي به الفلاحون من الأرياف فيخطفونه قبل وصوله إلى المدينة وحصل بسبب هذه الأحوال المذكورة شبكات ومشاجرات وضرب وقتل وتجريح أبدان ولولا خوف العسكر من الباشا وشدته عليهم حتى بالقتل إذا وصلت الشكوى إليه لحصل أكثر من ذلك واستهل شهر ذي القعدة بيوم الجمعة سنة 1227 في سابعه يوم الخميس سافر الباشا هجانا إلى السويس وصحبته حسن باشا وفي يوم الجمعة خامس عشره وصل مبشرون من ناحية الحجاز وهم أتراك على الهجن والخبر عنهم أن عساكرهم وصلوا إلى المدينة المنورة ونزلوا بفنائها وفي يوم الأحد سابع عشره رجع الباشا من ناحي السويس إلى مصر وفيه وردت أخبار لطائفة الفرنساوية وقنصلهم المقيمين بمصر بأن بونابارته وعساكر الفرنساوية زحفوا في جمع عظيم على بلاد المسكوب ووقع بينهم حروب عظيمة فكانت الهزيمة على المسكوب وانكسروا كسرة قوية وكتبوا بذلك أوراقا الصقوها بحيطان دوائرهم وحاراتهم ولما حضر الباشا طلع إليه القنصل واخبره بتلك الأخبار واطلعه على الكتب الواردة من بلادهم
(٣٥٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 353 354 355 356 357 358 359 360 361 362 363 ... » »»