عجائب الآثار - الجبرتي - ج ٣ - الصفحة ٢٨٩
أحد من الكتبة الذين يحررون ذلك بدفاتر ويوزعونها على مقتضى الحال ولم يعطوا بالمقادير أوراقا لملتزمي الحصص كما كانوا يفعلون قبل ذلك فإن الملتزم كان إذا بلغه تقرير فرضة تدارك امره وذهب إلى ديوان الكتبة واخذ علم القدر المقرر على حصته وتكفل بها واخذ منهم مهلة بأجل معلوم وكتب على نفسه وثيقة وابقاها عندهم ثم يجتهد في تحصيل المبلغ من فلاحيه وان لم يسعفوه في الدفع وحولوا عليه الطلب دفعه من عنده ان كان ذا مقدرة أو استدانه ولو بالربا ثم يستوفيه بعد ذلك من الفلاحين شيئا فشيئا كل ذلك حرصا على راحة فلاحي حصته وتامينهم واستقرارهم في وطنهم ليحصل منهم المطلوب من المال الميري وبعض ما يقتاتون به هم وعيالهم وان لم يفعل ذلك تحول باستخلاص ذلك كاشف الناحية وعين على الناحية الأعوان بالطلب الحثيث وما ينضاف إلى ذلك من حق طرق المعينين وكلفهم وان تأخر الدفع تكرر الارسال والطلب على النسق المشروح فيتضاعف الهم وربما ضاع في ذلك قدر الأصل المطلوب وزيادة عنه مرة أو مرتين والذي يقبضونه يحسبونه بالفرط وهو في كل ريال عشرة انصاف فضة يسمونها ديواني فيقبض المباشر عن الريال تسعين نصفا فضة ويجعل التسعين ثمانين وذلك خلاف ما يقرره في أوراق الرسم من خدم المباشرين من كتبة القبط فينكشف حال الفلاح ويبيع ما عنده من الغلة والبهيمة ثم يفر من بلدته إلى غيرها فيطلبه الملتزم ويبعث اليه المعينين من كاشف الناحية بحق طريق أيضا فربما أداه الحال ان كان خفيف العيال والحركة إلى الفرار والخروج من الإقليم بالكلية وقد وقع ذلك حتى امتلأت البلاد الشامية والرومية من فلاحي قرى مصر الذين جلوا عنها وخرجوا منها وتغربوا عن أوطانهم من عظيم هول الجور وإذا ضاق الحال بالملتزم وكتب له عرضحال يشكو حاله وحال بلده أو حصته وضعف حالها ويرجو التخفيف وتجاسر وقدم عرضحاله إلى الباشا يقال له هات التقسيط وخذ ثمن حصتك أو بدلها أو يعين له ترتيبا بقدر فائظها على بعض الجهات
(٢٨٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 284 285 286 287 288 289 290 291 292 293 294 ... » »»