عجائب الآثار - الجبرتي - ج ٣ - الصفحة ٢٢٤
في الشهر المبارك فيكون الإنسان نائما في بيته ومتفكرا في قوت عياله فيدهمه الطلب ويأتيه المعين قبل الشروق فيزعجه ويصرخ عليه بل ويطلع إلى جهة حريمه فينتبه كالمفلوج من غير اصطباح ويلاطف المعين ويعده ويأخذ بخاطره ويدفع له كراء طريقة المرسوم له في الورقة المعين بها المبلغ المطلوب قبل كل شيء فما يفارقه الا ومعين آخر واصل اليه على النسق المتقدم وهكذا وفيه حضر محمد كتخدا شاهين بك الألفي بجواب عن مراسلة ارسلها الباشا إلى مخدومه فأقام أياما يتشاور مع الباشا في مصلحته مع شاهين بك وحصل الاتفاق على حضور شاهين بك إلى الجزيرة ويتراضى مع الباشا على امر وسافر في ثاني عشره وصحبته صالح أغا السلحدار وفي يوم الخميس ثامن عشره قصد الباشا نفي رجب أغا الأرنؤدي وارسل اليه يأمره بالخروج والسفر بعد أن قطع خرجه وأعطاه علوفته فامتنع من الخروج وقال انا لي عنده خمسون كيسا ولا أسافر حتى اقبضها وذلك أنه في حياة الألفي الكبير اتفق مع الباشا بأن يذهب عند الألفي وينضم اليه ويتحيل في اغتياله وقتله فان فعل ذلك وقتله وتمت حيلته عليه أعطاه خمسين كيسا فذهب عند الألفي والتجأ اليه واظهر انه راغب في خدمته وكره الباشا و ظلمه فرحب به وقبله واكرمه مع التحذر منه ظلما طال به الأمد ولم يتمكن من قصده رجع إلى الباشا فلما امره بالذهاب اخذ يطالبه بالخمسين كيسا من فامتنع الباشا وقال جعلت له ذلك في نظير شيء يفعله لم يخرج من يده فعله فلا وجه لمطالبته به واستمر رجب أغا في عناده وذلك أنه لا يهون بهم مفارقة مصر التي صاروا فيها امراء وأكابر بعد أن كانوا يحتطبون في بلادهم ويتكسبون بالصنائع الدنيئة ثم إنه جمع جيشه اليه من الأرنؤد بناحية سكنه وهو بيت حسن كتخدا الجربان بباب اللوق فأرسل اليه الباشا من يحاربه فحضر حسن أغا سرششمة من ناحية قنطرة باب الخرق وحضر أيضا الجم الكثير من الأتراك وكبرائهم من جهة المدابغ وعمل كل منهم متاريس من الجهتين وتقدموا
(٢٢٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 219 220 221 222 223 224 225 226 227 228 229 ... » »»