عجائب الآثار - الجبرتي - ج ٣ - الصفحة ٢٠٨
عليه وسحبوه إلى السجن فيحبس ويعاقب حتى يتمم المطلوب منه فنزل بالناس امر عظيم وكرب جسيم وفي الناس من كان تاجرا ووقف حاله بتوالي الفتن والمغرم وانقطاع الأسباب والأسفار وافلس وصار يتعيش بالكد والقرض وبيع متاعه وأساس داره وعقاره واسمه باق في دفاتر التجار فما يشعر إلا والطلب لاحقة بنحو ما تقدم لكونه كان معروفا في التجار فيؤخذ ويحبس ويستغيث فلا يغاث ولا يجد شافعا ولا راحما وهذا الشيء خلاف الفرض المتوالية على البلاد والقرى في خصوص هذه الحادثة وكذلك على البنادر مقادير لها صورة وما يتبعها من حق طرق المعينين والمباشرين وتوالي مرور العساكر آناء الليل وأطراف النهار بطلب الكلف واللوازم وأشياء يكل القلم عن تسطيرها ويستحي الانسان من ذكرها ولا يمكن الوقوف على بعض جزئياتها حتى خربت القرى وافتقر أهلها وجلوا عنها فكان يجتمع أهل عدة من القرى في قرية واحدة بعيدة عنهم ثم يلحقها وبالهم فتخرب كذلك واما غالب بلاد السواحل فإنها خربت وهرب أهلها وهدموا دورها ومساجدها واخذوا أخشابها ومن جملة أفاعيلهم الشنيعة التي لم يطرق الأسماع نظيرها انهم قرروا فرضة من فرض المغارم على البلاد فكتبوا أوراقا وسموها بشارة الفرضة يتولاها بعض من يكون متطلعا لمنصب أو منفعة ثم يرتب له خدما وأعوانا ثم يسافر إلى الإقليم المعين له وذلك قبل منصب الأصل وفي مقدمته يبعث أعوانه إلى البلاد يبشرونهم بذلك ثم يقبضون مارسم لهم في الورقة من حق الطريق بحسب ما أدى اليه اجتهاده قليلا أو كثيرا وهذه لم يسمع بما يقاربها في ملة ولا ظلم ولا جور وسمعت من بعض من له خبرة بذلك أن المغارم التي قررت على القرى بلغت سبعين ألف كيس وذلك خلاف المصادرات الخارجة وفي أواخره قوى عزم الباشا على السفر لناحية الإسكندرية وامر باحضار اللوازم والخيام وما يحتاج اليه الحال من روايا الماء والقرب وباقي الأدوات
(٢٠٨)
مفاتيح البحث: البعث، الإنبعاث (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 203 204 205 206 207 208 209 210 211 212 213 ... » »»