عجائب الآثار - الجبرتي - ج ٣ - الصفحة ١١٦
وفي يوم السبت الذي هو غايته وصلت عساكر الدلاة الذين كانوا بناحية بني سويف والفيوم إلى برانبابة وضربوا لهم مدافع لوصولهم وفيه ارسل كبار العسكر الذين بناحية منوف مكاتبة إلى الباشا يذكرون أن العساكر يطلبون مرتبات وارز وسمن فإنهم لا يحاربون ولا يقاتلون بالجوع وفي هذه الأيام وصل الكثير من العساكر القبلية ودخلوا البلد وكثروا بها وفي هذا الأيام أيضا وصلت الاخبار من الديار الحجازية بمسالمة الشريف غالب للوهابيين وذلك لشدة ما حصل لهم من المضايقة الشديدة وقطع الجالب عنهم من كل ناحية حتى وصل ثمن الاردب المصري من الأرز خمسمائة ريال والاردب البر ثلاثمائة وعشرة وقس على ذلك السمن والعسل وغير ذلك فلم يسع الشريف الا مسالمتهم والدخول في طاعتهم وسلوك طريقتهم واخذا العهد على دعاتهم وكبيرهم بداخل الكعبة وامر بمنع المنكرات والتجاهر بها وشرب الاراجيل بالتنباك في المسعى وبين الصفا والمروة بالملازمة على الصلوات في الجماعة ودفع الزكاة وترك لبس الحرير والمقصبات وابطال المكوس والمظالم وكانوا خرجوا عن الحدود في ذلك حتى أن الميت يأخذون عليه خمسة فرانسة وعشرة بحسب حالة وان لم يدفع أهله القدر الذي يتقرر عليه فلا يقدرون على رفعه ودفنه ولايتقرب اليه الغاسل ليغسله حتى يأتيه الاذن وغير ذلك من البدع والمكوس والمظالم التي أحدثوها على المبيعات والمشتروات على البائع والمشتري ومصادرات الناس في أموالهم ودورهم فيكون الشخص من سائر الناس جالسا بداره فما يشعر على حين غفلة منه الا ولاعوان يأمرونه بإخلاء الدار وخروجه منها ويقولون أن سيد الجميع محتاج إليها فاما أن يخرج منها جملة وتصير من املاك الشريف واما أن يصالح عليها بمقدار ثمنها أو أقل أو أكثر فعاهده على ترك ذلك كله واتباع ما امر الله تعالى به في كتابه
(١١٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 111 112 113 114 115 116 117 118 119 120 121 ... » »»