عجائب الآثار - الجبرتي - ج ٣ - الصفحة ١٠٨
داره واحضروا له من عالجه حتى برئ بعد شهور وفرحوا بعافيته ودعاه بعض أحبابه بناحية قناطر السباع فركب وذهب اليه وكانت أول ركباته بعد برئه فلما طلع إلى المجلس وأراد الصعود إلى مرتبه الجلوس زلقت رجله فانكسر عظم ساقه وتكدر الحاضرون وحملوه وذهبوا به إلى داره واحضروا له المعالج فلم يحسن المعالجة وتألم تألما كثيرا واستمر ملازما للفراش نحو سبع سنوات ثم توفي يوم الأربعاء سابع عشر رجب من السنة عن سبع وسبعين سنة ودفن بتربة الأزبكية وتعين بعده في المشيخة والافتاء ولده المحقق العلامة المستعد الشيخ إبراهيم ادام الله النفع بحياته وحفظ عليه أولاده ومات الاجل الأمثل المفوه المنشىء النبيه الفصيح المتكلم عثمان أفندي ابن سعد العباسي الأنصاري من ولد آخر الخلفاء العباسية بمصر المتوكل على الله ووالده يعرف بالأنصاري من جهة النساء من بيت السيادة والخلافة ولد بمصر وبها نشأ واشتغل بالعلم على فضلاء الوقت ومهر في الفنون بذكائه وعانى الحساب والنجوم فأخذ منها حظا ونزل كاتب سر في ديوان بعض الامراء ولامه بعض محبيه في ذلك فاعتذر انه انما قدم عليه صيانة لبعض بلاده وضياعه التي استولت عليها أيدي الظلمة فلا محيد له عن عشرتهم واجتمع بشيخنا الشيخ محمود الكردي وأراد السلوك في طريق الخلوتية وترك شرب الدخان ولازمه كثيرا وتلقن الاسم الأول والأوراد واقلع عما كان عليه حتى لاحت عليه أنوار ملازمته واعتقده جدا وبعد وفاة الأستاذ رجع إلى حالته وشرب الدخان ثم ولى خليفة على غلال الحرمين فباشرها بشهامة ثم ولي روزنامة مصر بصرامة وقوة مراس وشدة ومخادعة وراج امره واتسع حاله وزادت حشمته وذلك بعد عزل احمد أفندي أبي كلبة وقبل وفاة السيد محمد أفندي الكماخي الروزنامجي وثقل امره على باقي الكتبة والناس فاوغروا عليه وعزلوه فضاق صدره وزاد قلقه وحدث فيه بعض رعونة وتردد لمشاهد الأولياء في الليل والنهار
(١٠٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 103 104 105 106 107 108 109 110 111 112 113 ... » »»