عجائب الآثار - الجبرتي - ج ٢ - الصفحة ٦٨
في المنصب دون الشهرين ومات احمد أفندي فسمى عثمان أفندي العباسي على المنصب وتقلده على رشوة لها قدر وذهب على احمد أفندي أبو كلبة ما دفعه في الهباء وكانت وفاة احمد أفندي الصفائي المترجم في عشرين خلت من ربيع الثاني من السنة ومات العمدة المفرد والنجيب الأوحد محمد أفندي كاتب الرزق الأحباسية وهذه الوظيفة تلقاها بالوراثة عن أبيه وجده وعرفوا اصطلاحها وأتقنوا أمرها وكان محمد أفندي هذا لا يغرب عن ذهنه شيء يسأل عنه من أراضي الرزق بالبلاد القبلية والبحرية مع اتساع دفاترها وكثرتها ويعرف مظناتها ومن انحلت عنه ومن انتقلت اليه مع الضبط والتحرير والصيانة والرفق بالفقراء في عوائد الكتابة وكان على قدم الخير والصلاح مقتصدا في معيشته قانعا بوظيفته لا يتفاخر في ملبس ولا مركب ويركب دائما الحمار وخلفه خادمه يحمل له كيس الدفتر إذا طلع إلى الديوان مع السكون والحشمة وكان يجيد حفظ القرآن بالقراءات العشر ولم يزل هذا حاله حتى تعلل أياما وتوفي إلى رحمة الله تعالى ثامن ربيع الثاني وتقرر في الوظيفة عوضه ابن ابنه الشاب الصالح حموده أفندي فسار كاسلافه سيرا حسنا وقام بأعباء الوظيفة حسا ومعنى الا انه عاجله الحمام وانخسف بدره قبل التمام وتوفي بعد جده بنحو سنتين وشغرت الوظيفة وابتذلت كغيرها وهكذا عادة الدنيا ومات الجناب السامي والغيث الهاطل الهامي ذو المناقب السنية والافعال المرضية والسجايا المنيفة والاخلاق الشريفة السيد السند حامي الأقطار الحجازية والبلاد التهامية والنجدية الشريف السيد سرور أمير مكة تولى الاحكام وعمره نحو احدى عشرة سنة وكانت مدة ولايته قريبا من أربع عشرة سنة وساس الاحكام أحسن سياسة وسار فيها بعدالة ورآسة وأمن تلك الأقطار امنا لا مزيد عليه ومات وفي محبسه نيف وأربعمائة من العربان الرهائن وكان لا يغفل لحظة عن النظر والتدبير في مملكته ويباشر الأمور بنفسه ويتنكر ويعس ويتفقد جميع الأمور الكلية
(٦٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 63 64 65 66 67 68 69 70 71 72 73 ... » »»