عجائب الآثار - الجبرتي - ج ٢ - الصفحة ٦٣٩
وكانوا يرون في أنفسهم ان الشخص منهم يدرس برجله الجماعة من العسكر وأحسنوا ظنهم فيهم واعتقدوا انهم صاروا أتباعهم وجندهم مع أنهم كانوا قادرين على ازالتهم من الإقليم وخصوصا عندما خرجوا من المدينة لملاقاة علي باشا واخرجوا جميع العسكر وحازوهم إلى جهة البحر وحصنوا أبواب البلد بمن يثقون به من اجنادهم ورسموا لهم رسوما امتثلوها فلو ارسلوا لهم بعد ايقاعهم بعلي باشا أقل اتباعهم وأمروهم بالرحلة لما وسعتهم المخالفة حتى ظن كثير ممن له أدنى فطنه حصول ذلك فكان الامر بخلاف ذلك ودخلوا بعد ذلك وهم بصحبتهم ضاحكين من غفلة القوم ومستبشرين برجوعهم ودخولهم إلى المدينة ثانيا وعند ذلك تحقق لذوي الفطن سوء رأيهم وعدم فلاحهم وزادوا في الطنبور نغمة بما صنعوه مع الألفي وكان العسكر يهابون جانبه ويخافون اتباعه ويخشونهم وخصوصا لما سمعوا بوصوله على الهيئة المجهولة لهم داخلهم من ذلك امر عظيم استمر في اخلاطهم يوما وليلة إلى أن اجلاه البرديسي ومن معه يشؤم رأيهم وفساد تدبيرهم وفرقوا جمعهم في النواحي حرصا على قتل الألفي واتباعه فعند ذلك زالت هيبتهم من قلوب العسكر وأوقعوا بهم ما أوقعوا ولا يحيق المكر السيء الا باهله شهر ذي الحجة الحرام استهل بيوم الثلاثاء سنة 1318 فيه قلدوا علي أغا الشعراوي واليا على مصر وفيه نهبوا بيت محمد أغا المحتسب وقبضوا عليه وحبسوه وفي ليلة الأربعاء انزلوا محمد باشا خسروا وإبراهيم باشا إلى بولاق وسفروهما إلى بحرى ومعهما جماعة من العسكر وكانت ولايته هذه الولاية الكذابة شبيهة بولاية احمد باشا الذي تولى بعد قتل طاهر باشا يوما ونصفا وكان قد اعتقد في نفسه رجوعه لولاية مصر حتى أنه لما نزل من القلعة إلى بيت محمد علي نظر إلى بيته من الشباك مهدوما منخربا فطلب في ذلك الوقت المهندسين وأمرهم بالبناء وذلك من وساوسه يقال
(٦٣٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 634 635 636 637 638 639 640 641 642 643 644 ... » »»