عجائب الآثار - الجبرتي - ج ٢ - الصفحة ٦٠٣
الشوادر والحواصل والأخشاب والاحطاب والبن والأرز وقلت الأقوات فيهم والعليق فعلفوا الدواب بشعير الارزبل والأرز المبيض وغير ذلك مما لا تضبطه الأقلام ولا تحيط به الأوهام وفي منتصف هذا الشهر في أيام النسىء نقص النيل نقصا فاحشا وانحدر من على الأراضي فأنزعج الناس وازدحموا على مشترى الغلال وزاد سعرها ثم استمر يزيد قيراطا وينقص قيراطين إلى أيام الصليب وانكبت الخلائق على شراء الغلال ومنع الغنى من شراء ما زاد على الاردب ونصف اردب والفقير لا يأخذ الاويبة فأقل ويمنعون الكيل بعد ساعتين فتذهب الناس إلى ساحل بولاق ومصر القديمة ويرجعون من غير شيء واستمر سليم آغا مستحفظان ينزل إلى بولاق في كل يوم صار الامراء يأخذون الغلال القادمة بمراكبها قهرا عن أصحابها ويخزنوها لأنفسهم حتى قلت الغلة وعز وجودها في العرصات والسواحل وقل الخبز من الأسواق والطوابين وداخل الناس وهم عظيم وخصوصنا مع خراب البلاد بتوالي الفرد والمغارم وعز وجود الشعير والتبن وبيعت الدواب والبهائم بالسعر الرخيص بسبب قلة العلف واجتمع بعض المشايخ وتشاوروا في الخروج إلى الاستسقاء فلم يمكنهم ذلك لفقد شروطها وذهبوا إلى إبراهيم بك وتكلموا معه في ذلك فقال لهم وأنا أحب ذلك فقالوا له وأين الشروط التي من جملتها رفع المظالم وردها والتوبة والاقلاع عن الذنوب وغير ذلك فقال لهم هذا أمر لا يمكن ولا يتصور ولا أقدر عليه ولا أحكم الا على نفسي فقالوا إذا نهاجر من مصر فقال وأنا معكم ثم قاموا وذهبوا وفي أواخره وردت الاخبار برجوع البرديسي ومن معه من العساكر وقد كان أشيع انهم متوجهون إلى الإسكندرية ثم ثنى عزمه عن ذلك لأمور الأول وجود القحط فيهم وعدم الذخيرة والعلف والثاني الحاح العسكر بطلب جماكيهم المنكسرة وما يأخذونه من المنهوبات لا يدخل في حساب جماكيهم والثالث العجز عن أخذ الإسكندرية لوعر الطريق وانقطاع الطرق بالمياه المالحة فلو وصلوها وطال عليهم الحصار لا يجدون ما يأكلون
(٦٠٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 598 599 600 601 602 603 604 605 606 607 608 ... » »»