والنواحي يتفرسون في الناس فلم يجدوا فيهم قرائن دالة على علمهم بذلك ورأوهم يسألون من الفرنسيس عن الخبر فتحققوا من ذلك برائتهم من ذلك ثم إنهم أمروا باحضار الشيخ عبد الله الشرقاوي والشيخ احمد العريشي القاضي وأعلموهم بذلك وعوقوهم إلى نصف الليل والزموهم بأحضار الجماعة الذين ذكرهم القاتل وانه أخبرهم بفعله فركبوا وصحبتهم الاغا وحضروا إلى الجامع الأزهر وطلبوا الجماعة فوجدوا ثلاثة منهم ولم يجدوا الرابع فأخذهم الاغا وحبسهم ببيت قائممقام بالازبكية ثم إنهم رتبوا صورة محاكمة على طريقتهم في دعاوى القصاص وحكموا بقتل الثلاثة أنفار المذكورين مع القاتل وأطلقوا مصطفى أفندي البوصلي لكونه لم يخبره بعزمه وقصده فقتلوا الثلاثة المذكورين لكونه أخبرهم بأنه عازم على قصده صبح تاريخه ولم يخبروا عنه الفرنسيس فكأنهم شاركوه في الفعل وانقضت الحكومة على ذلك وألقوا في شأن ذلك أرواقا ذكروا فيها صورة الواقعة وكيفيتها وطبعوا منها نسخا كثيرة باللغات الثلاث الفرنساوية والتركية والعربية وقد كنت أعرضت عن ذكرها لطولها وركاكة تركيبها لقصورهم في اللغة ثم رايت كثيرا من الناس تتشوق نفسه إلى الاطلاع عليها لتضمينها خبر الواقعة وكيفية الحكومة ولما فيها من الاعتبار وضبط الاحكام من هؤلاء الطائفة الذين يحكمون العقل ولا يتدينون بدين وكيف وقد تجارى على كبيرهم ويعسو بهم رجل آفاقي أهوج وغدره وقبضوا عليه وقرروه ولم يعجلوا بقتله وقتل من أخبر عنهم بمجرد الاقرار بعد ان عثروا عليه ووجدوا معه آلة القتل مضمخة بدم سارى عسكرهم وأميرهم بل رتبوا حكومة ومحاكمة وأحضروا القاتل وكرروا عليه السؤال والاستفهام مرة بالقول ومرة بالعقوبة ثم أحضروا من اخبر عنهم وسألوهم على انفرادهم ومجمعين ثم نفذوا الحكومة فيهم بما اقتضاه التحكيم وأطلقوا مصطفى أفندي البوصلي الخطاط حيث لم يلزمه حكم ولم يتوجه عليه قصاص كما يفهم جميع ذلك من فحوى المسطور بخلاف ما رأيناه
(٣٥٩)