عجائب الآثار - الجبرتي - ج ٢ - الصفحة ٢١٩
الصنادقية وذهب إلى بيت القاضي فوجد ذلك الزحام فخاف وخرج من بين القصرين وباب الزهومة وتلك الاخطاط بالخلائق مزحومة فبادروا اليه وضربوه واثخنوا جراحاته وقتل الكثير من فرسانه وابطاله وشجعانه فعند ذلك أخذ المسلمون حذرهم وخرجوا يهرعون ومن كل حدب ينسلون ومسكوا الأطراف الدائرة بمعظم اخطاط القاهرة كباب الفتوح وباب النصر والبرقية إلى باب زويلة وباب الشعرية وجهة البندقانيين وما حاذاها ولم يتعد جهة سواها وهدموا مساطب الحوانيت وجعلوا أحجارها متاريس للكرنكة لتعوق هجوم العدو في وقت المعركة ووقف دون كل متراس جمع عظيم من الناس واما الجهات البرانية والنواحي الفوقانية فلم يفزع منهم فازع ولم يتحرك منهم أحد ولم يسارع وكذلك شذ عن الوفاق مصر العتيقة وبولاق وعذرهم الأكبر قربهم من مساكن العسكر ولم تزل طائفة المحاربين في الأزقة متترسين فوصل جماعة من الفرنساوية وظهروا من ناحية المناخلية وبندقوا على متراس الشوائين وبه جماعة من مغاربة الفحامين فقاتلوهم حتى أجلوهم وعن المناخلية أزالوهم عند ذلك زاد الحال وكثر الرجف والزلزال وخرجت العامة عن الحد وبالغوا في القضية بالعكس والطرد وامتدت أيديهم إلى النهب والخطف والسلب فهجموا على حارة الجوانية ونهبوا دور النصارى الشوام والاروام وما جاورهم من بيوت المسلمين على التمام وأخذوا الودائع والأمانات وسبوا النساء والبنات وكذلك نهبوا خان الملايات وما به من الأمتعة والموجودات وأكثروا من المعايب ولم يفكروا في العواقب وباتوا تلك الليلة سهرانين وعلى هذا الحل مستمرين وأما الإفرنج فإنهم أصبحوا مستعدين وعلى تلال البرقية والقلعة واقفين وأحضروا جميع الآلات من المدافع والقنابر والبنبان ووقفوا مستحضرين ولامر كبيرهم منتظرين وكان كبير الفرنسيس أرسل إلى المشايخ مراسلة فلم يجيبوه عنها ومل من المطاولة هذا والرمي متتابع من الجهتين وتضاعف الحال ضعفين حتى مضى وقت العصر وزاد القهر والحصر فعند ذلك ضربوا بالمدافع والبنبات
(٢١٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 214 215 216 217 218 219 220 221 222 223 224 ... » »»