أنت كبير القوم الباقية فافتح عينك وشد حيلك فاني حصنت لكم البلد وصيرتها بحيث لو ملكتها امرأة لم يقدر عليها عدو وتمرض يومين ومات في الثالث سادس عشر شعبان من السنة وكان أميرا جليلا كفؤا للامارة جهوري الصوت عظيم الهمة بعيد الغور كبير التدبير يحب الصلحاء والعلماء ويتادب معهم ويواسيهم ويقبل شفاعتهم ويكرمهم وله فيهم اعتقاد عظيم حسن ولما مات غسل وكفن وصلي عليه في مصلى المؤمنين ودفن بتربة علي بك مع سيدهما إبراهيم كتخدا بالقرب من ضريح الإمام الشافعي بالقرافة ولم يفلح بعده خليفته عثمان بك وأضاع مملكته وسلمها لاخصامه وأخصام سيده ومات الأمير رضوان بك وهو ابن أخت علي بك الكبير امره وقلده الصنجقية وجعله من الامراء الكبار فلما مات خاله واستقل بالمملكة محمد بك انزوى وارتفعت عنه الامرية واقام بطالا هو وحسن بك الجداوي مدة أيام محمد بك فلما مات محمد بك وظهر بالامارة إبراهيم بك ومراد بك لم يزل على خموله إلى أن وقع التفاقم بينهم وبين إسماعيل بك فانضم هو وحسن بك إلى إسماعيل بك وساعداه فرد لهما امرياتهما ونوه بشأنهما ثم نافقا عليه وخذلاه عندما سافر معهما إلى قبلي وكانا هما السبب في غربته المدة الطويلة كما ذكر ثم وقع لهما ما وقع مع المحمدية وذهبا إلى الجهة القبلية وأقاما هناك فلما رجع إسماعيل بك من غيبته انضم اليهما ثانيا ولم يزل معهما وافترق منهما المترجم وحضر إلى مصر وانضم إلى المحمدية ولما حضر حسن باشا وخرج معهم رجع ثانيا بأمان واستمر بمصر حتى حضر إسماعيل بك وحسن بك فأقام معهم أميرا ومتكلما وتصادق مع علي بك كتخدا الجاويشية وعقد معه المؤاخاة ونزل مرارا إلى الأقاليم وعسف بالبلاد ولما سافر حسن باشا وخلالهما الجو فجر وتجبر وصار يخطف الناس ويحبسهم ويصادرهم في أموالهم تعدى شره لكثير من الفقراء ولم يزل هذا شأنه حتى اطفا صرصر الموت شعلته وحل بساحته
(١٢٥)