تعظيما لهم وإذا دخل منزل من منازل الامراء ورأى من يشرب الدخان شنع عليه وكسر آلته ولو كانت في يد كبير الامراء وشاع عنه ذلك وعرف في جميع الخاص والعام وتركوه بحضرته فكانوا عندما يرونه مقبلا منن بعيد نبه بعضهم بعضا ورفعوا شبكاتهم وأقصابهم واخفوها عنه وان رأى شيئا منها أنكر عليهم ووبخهم وعنفهم وزجرهم حتى أن علي بك في أيام امارته كان إذا دخل عليه في حاجة أو شفاعة أخبروه قبل وصوله إلى مجلسه فيرفع الشبك من يده ويخفوه من وجهه وذلك مع عتوه وتجبره وتكبره واتفق انه دخل عليه في بعض الأوقات فتلقاه على عادته وقبل يده وجلس فسكت الأمير مفكرا في أمر من الأمور فظن الشيخ اعراضه عنه فأخذته الحدة وقال مخاطبا له باللغة الصعيدية يامين يامين هو غضبك ورضاك على حد سواء بل غضبك خير من رضاك وكرر ذلك وقام قائما وهو يأخذ بخاطره ويقول انا لم أغضب من شيء ويستعطفه فلم يجبه ولم يجلس ثانيا وخرج ذاهبا ثم سأل علي بك عن القضية التي أتى بسببها فأخبروه فأمر بقضائها واستمر الشيخ منقطعا عن الدخول اليه مدة حتى ركب في ليلة من ليالي رمضان مع الشيخ الوالد في حاجة عند بعض الامراء ومرا ببيت علي بك فقال له ادخل بنا نسلم عليه فقال يا شيخنا أنا لا ادخل فقال لا بد من دخولك معي فلم تسعه مخالفته وانسر بذلك علي بك تلك الليلة سرورا كثيرا ولما مات علي بك واستقل محمد بك أبو الذهب بامارة مصر كان يجل من شأنه ويحبه ولا يرد شفاعته في شيء أبدا وكل من تعسر عليه قضاء حاجة ذهب إلى الشيخ وأنهى اليه قصته فيكتبها مع غيرها في قائمة حتى تمتلئ الورقة ثم يذهب إلى الأمير بعد يومين أو ثلاثة فعندما يستقر في الجلوس يخرج القائمة من جيبه ويقص ما فيها من القصص والدعاوى واحدة بعد واحدة ويأمره بقضاء كل منها والأمير لا يخالفه ولا ينقبض
(٤٧٨)