لم يكن ورجع الأمراء إلى مصر ومحمد بك أبو الذهب وصحبته درويش ابن شيخ العرب همام فإنه لما مات أبوه وانكسر ظهر القوم بموته وعلموا انهم لا نجاح لهم بعده أشاروا على ابنه بمقابلة محمد بك وانفصلوا عنه وتفرقوا في الجهات فمنهم من ذهب إلى درنه ومنهم من ذهب إلى الروم ومنهم من ذهب إلى الشام وقابل درويش بن همام محمد بك وحضر صحبته إلى مصر وأسكنه في مكان بالرحبة المقابلة لبيته وصار يركب ويذهب لزيارة المشاهد ويتفرج على مصر ويتفرج عليه الناس ويعدون خلفه وأمامه لينظروا ذاته وكان وجيها طويلا أبيض اللون اسود اللحية جميل الصورة ثم إن علي بك أعطاه بلاد فرشوط والوقف بشفاعة محمد بك وذهب إلى وطنه فلم يحسن السير والتدبير وأخذ امره في الانحلال وحاله في الاضمحلال وارسل من طالبه بالأموال والذخائر فاخذوا ما وجدوه وحضر إلى مصر والتجأ إلى محمد بك فأكرمه وانزله بمنزل بجواره فلم يزل مقيما به حتى خرج محمد بك من مصر مغاضبا لأستاذه فلحق به إلى الصعيد وخلص الإقليم المصري بحري وقبلي إلى علي بك وأتباعه فشرع في قتل المنفيين الذين أخرجهم إلى البنادر مثل دمياط ورشيد والإسكندرية والمنصورة فكان يرسل إليهم ويخنقهم واحدا بعد واحد فخنق علي كتخدا الخربطلي برشيد وحمزة بك تابع خليل بك بزفتا وقتلوا معه سليمان أغا الوالي وإسماعيل بك أبا مدفع بالمنصورة وعثمان بك تابع خليل بك هرب إلى مركب البيليك فحماه وذهب إلى إسلامبول ومات هناك ونفى أيضا جماعة وأخرجهم من مصر وفيهم سليمان كتخدا المشهدي وإبراهيم أفندي جمليان ومات الباشا المنفصل بالبيت الذي نزل فيه ولحق بمن قبله ومما اتفق ان علي بك صلى الجمعة في أوائل شهر رمضان بجامع الداودية فخطب الشيخ عبد ربه ودعا للسلطان ثم دعا لعلي بك فلما
(٣٧٨)