فأبى وقال إنه دخل حيا إلى بيتي فلا سبيل إلى قتله وانزله بمكان واحضر له الطبيب فداوى جراحته واكرمه وأعطاه ملابس وخلع عليه فروة سمور والف دينار ونفاه إلى قبرص حسما للشر واستمر الحقد في قلوب خشداشينه ومحمد بك ابن أبي شنب ابن أستاذهم واتفقوا على احضار جركس سرا إلى مصر وسافر ابن أبي شنب بالخزينة إلى دار السلطنة فاغرى رجال الدولة ورشاهم وجعل لهم أربعة آلاف كيس على إزالة إسماعيل بك وعشيرته ووقع ما تقدم ذكره في ولاية رجب باشا وحضر جركس إلى مصر في صورة درويش عجمي واختفى عند قاسم بك ودبروا بعد ذلك ما دبروه من قتل الباشا وما تقدم ذكره في ترجمة إسماعيل بك ونجا إسماعيل بك أيضا من مكرهم وظهر عليهم وسامحهم في كل ما صدر منهم مع قدرته على ازالتهم ولم يزالوا مضمرين له السوء حتى توافقوا على قتله غدرا وخانوه وقتلوه بالديوان وازالوا دولته وصفا وصفا عند ذلك الوقت لمحمد بك جركس وعشيرته فلم يحسن السير وطغى وتجبر وسار في الناس بالعسف والجور واتخذ له سراجا من أقبح خلق الله واظلمهم وهو الذي يقال له الصيفي ورخص له فيما يفعله ولا يقبل فيه قول أحد واتخذ له أعوانا من جنسه وخدما وكلهم على طبقته في الظلم والتعدي فكانوا يأخذون الأشياء من الباعة ولا يدفعون لها ثمنا ومن امتنع عليهم ضربوه بل وقتلوه وصاروا يخطفون النساء والأولاد وصاروا يدخلون بيوت التجار في رمضان بالليل فلا ينصرفون حتى ضاق صدر الباشا وابرز مرسوما من الدولة برفع صنجقية محمد بك جركس وكتب فرامانات وأرسلها إلى الوجاقات ومشايخ العلم والبكري وشيخ السادات ونقيب الاشراف بالاخبار بذلك وبالمنع من الاجتماع عليه أو دخول منزله ووصل الخبر إلى محمد بك جركس فكتب في الحال تذاكر وأرسلها إلى اختيارية الوجاقات والمشايخ بالحضور
(١٩٠)