ثم إن الناس اختلفوا في أمره من هنا فقالوا إنه ترك ما كان فيه وتجرد وساح في الأرض وانتهى إلى بلاد الشرق وهو مستخف لا يعرف ومات خاملا ويقال عن قبره بالقرب من المجدل قرية من البقاع العزيزي عند قرية يقال لها حمارة وإلى جانبها مشه يعرف بقبر الأمير يعقوب ملك الغرب كل أهل تلك النواحي متفقون على ذلك وقالوا مات بمدينة سلا في غرة جمادى الأولى وقيل في شهر ربيع الآخر في سابع عشرة وقيل في غرة صفر سنة خمس وتسعين وخمس مائة بمراكش ومولده سنة أربع وخمسين وخمس مائة وأمر ليدفن على قارعة الطريق ليترحم الناس عليه وبايع الناس ولده أبا عبد الله محمد بن يعقوب وقد تقدم ذكره في المحمدين ومن حكايات الأمير المنصور يعقوب أن رجلا من المشارقة وصل إلى في زي رسول وزعم أنه من الهند يذكر أن ذلك الملك رأى من كتاب ملحمة عنده أن أبا يوسف هذا يصل بجيوشه من المغرب ويملك بلاد المشرق ثم يفتح الهند وما أشبه ذلك وطلب الاجتماع به فقال المنصور العاقل الكريم ينخدع في ماله ولا ينخدع في عقله وأمر بإنزاله وإجراء الضيافة عليه حتى ينفصل وأما الاجتماع به فلا سبيل إليه ورفع إليه صاحب شرطته أن رجلا من العامة ممن ابتلاه الله بحب الخمر اشتاق إلى عادته فقالت له زوجته قد علمت أن الخليفة يقتل على الشرب وأنت فيك عربدة وقلة صمت إذا شربت فقال لها أنا أحسم المادة فقيد نفسه بقيد حديد ثم اشتغل بشرابه وأغلق بابه فنم به أحد أنذال جيرانه إلى صاحب الشرطة فأمر المنصور أن يضرب السكران الحد الخفيف ويؤخذ القيد من رجله ويوضع في رجل الغماز بعد أن يضرب على تجسسه ويودع السجن حتى يستريح الناس منه واحتاج لأحد أولاده عالما وأمينا فطلبهما من القاضي فاختار له القاضي رجلين وصف أحدهما في رقعته أنه عالم بحر والآخر أنه أمين بر فاستطقهما المنصور فعلم أنهما مقصرين فوقع في الرقعة * (ظهر الفساد في البر والبحر) * الروم 30 / 41 واشتهر له من قوله شعر أفسد به العرب على قراقوش أحد مماليك صلاح الدين وكان قد استولى على طرابلس وقابس وعظم أمره بالغرب (من البسيط) * يا أيها الراكب الساري لطيته * على غذافرة تشقى بها الأكم *
(٩)