منجم الدين بن الكمال وقرأ عليه وتدرب به وكان ذهنه جيدا وصار يكتب الدرجة عنده فلما ورد الأمير سيف الدين بتخاص إلى صفد نائبا كان معه الشيخ شهاب الدين بن غانم فانضم زين الدين إليه في الباطن واستبد بالوظيفة وانفرد الشيخ نجم الدين بالخطابة ثم اتفقوا عليه وأخرجوه إلى دمشق وما كان إلا قليلا حتى اتفق القاضي شرف الدين النهاوندي الحاكم بصفد وزين الدين على شهاب الدين بن غانم وأوقعا بينه وبين الأمير سيف الدين بتخاص فاعتقله وفصله من الوظيفة وكتب إلى مصر في حق زين الدين بن حلاوات فجاء توقيعه بتوقيع صفد وانفرد بالوظيفة وكان ذا خبرة وسياسة ومداخلة في النواب واتحاد بهم حتى لم يكن لأحد معه حديث وكان هو المتصرف في المملكة وتقدم ورزق الوجاهة وحظي ونال الدنيا العريضة وجمع بين خطابة القلعة والتوقيع وكان فيه مروءة وسعة صدر في قضاء أشغال الناس والمبادرة إلى نجاز مرادهم ومساعدتهم على ما يحاولونه وأنشأ جماعة وانتهى إلى القاضي علاء الدين بن الأثير فمال إليه ولما جاءه خبره من طرابلس بكى عليه ولو أن زين الدين كان حيا لما انفلج القاضي علاء الدين بن الأثير ما كان كاتب السر بمصر غيره لمحبته له وإيثاره له وقال للسلطان لما قال له من يصلح لهذا المنصب قال أما في مصر فما أعرف أحدا وأما في الشام فما كنت أعرف من يصلح غير ابن حلاوات وقد مات وكان ابن حلاوات يداخل نواب صفد كثيرا ويقع بين النواب وبين الأمير سيف الدين تنكز فعزل جماعة منهم ثم لما جاءها الأمير سيف الدين أرقطاي إليها نائبا وقع بينهما واتصلت القضية بالسلطان وهي واقعة طويلة فرد الأمر فيها إلى تنكز فطلب زين الدين إلى دمشق وهو ممتلئ عليه غيظا فلما دخل عليه رماه بسكينة كانت بيده لو أصابته جرحته ورسم عليه وأمر بمصادرته فوزن ثمانية آلاف درهم فسعى له الأمير سيف الدين بكتمر الحاجب والقاضي علاء الدين بن الأثير عند السلطان واتفق أن مات في تلك الأثناء موقع طرابلس فما كان بعد ثمانية أيام تقريبا حتى جاء البريد بالإفراج عن زين الدين وإعادة أخذ منه إليه وتجهيزه إلى طرابلس موقعا وكان المرسوم مؤكدا فما أمكن إلا ما رسم به) وتوجه رئيس ديوان الإنشاء إلى طرابلس فدخل إليها في مستهل جمادى الأولى سنة تسع عشرة وسبع مائة فأقام بها في وجاهة وحرمة وافرة إلى أن توفي في التاريخ المذكور وكان خروجه من صفد سنة سبع عشرة وسبع مائة فيما أظن وكان يدري النجامة وعلم الرمل وله نظم ولم يتفق لي به اجتماع خاص بل رأيته
(٢٦٣)