الوافي بالوفيات - الصفدي - ج ٢٠ - الصفحة ١٧٣
أحسن مما قاله في أبي دلف فأعطاه وأحسن جائزته قلت قوله في أبي دلف أحسن عند من له ذوق لا سيما قوله (من المديد) * ولت الدنيا على أثره * قال ابن المعتز في طبقات الشعراء لما بلغ المأمون خبر هذه القصيدة غضب غضبا شديدا وقال اطلبوه حيثما كان فطلب فلم يقدر عليه لأنه كان مقيما بالجبل وهرب إلى الجزيرة الفراتية فكتب إلى الآفاق بأخذه حيث كان فهرب إلى الشامات فظفروا به فحمل مقيدا إليه فلما صار بين يديه قال له يا ابن اللخناء أنت القائل في قصيدتك للقاسم بن عيسى (من المديد) * كل من في الأرض من عرب * وأنشد البيتين جعلتنا ممن يستعير المكارم منه ويفتخر به قال يا أمير المؤمنين أنتم هل بيت لا يقاس بكم لأن الله اختصكم لنفسه على عباده وآتاكم الكتاب والحكم وآتاكم ملكا عظيما وإنما ذهبت في قولي إلى أقران وأشكال للقاسم بن عيسى من هذا الناس فقال والله ما أبقيت أحدا ولقد أدخلتنا في الكل وما أستحل دمك بكلمتك هذه ولكني أستحله بكفرك في شعرك حيث قلت في عبد ذليل مهين فأشركت بالله العظيم وجعلت معه ملكا قادرا وهو قولك (من البسيط) * أنت الذي تنزل الأيام منزلها * وتنقل الدهر من حال إلى حال * * وما مددت مدى طرف إلى أحد * إلا قضيت بأرزاق وآجال * ذاك الله عز وجل يفعله أخرجوا لسانه من قفاه فأخرجوا لسانه من قفاه فمات وبعد هذين البيتين (من البسيط) * تزور سخطا فمسي البيض راضية * وتستهل فتبكي أعين المال * وقيل إن أبا دلف أعطى العكوك على القصيدة الرائية بعدما امتحنه في وصف فرس فقال قصيدته البائية وهي مذكورة في الأغاني مائة ألف درهم ودخل إليه يوما فقال له هات ما معك قال إنه قليل فقال هاته كم من قليل هو أجود من كثير فقال (من البسيط) * الله أجرى من الأرزاق أكثرها * على يديك فشكرا يا أبا دلف * * أعطى أبو دلف والريح عاصفة * حتى إذا وقفت أعطى ولم يقف *
(١٧٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 168 169 170 171 172 173 174 175 176 177 178 ... » »»