فهذان أحبا القبيلتين من أجل محبوبتيهما وعشقا هذين الوصفين تقربا إلى قلب معشوقتيهما وهذا المخرج لعذر أمير المؤمنين هارون فأين المخرج لعذر أمير المؤمنين فاستحيا منها وعظم وجده بها لما رأى من فضلها وحسن خطابها وكان بين عريب وبين إبراهيم بن المدبر مطارحات ومداعبات مذكورة بين أهل الأدب من) ذلك ما حكاه الفضل بن العباس بن المأمون قال زارتني عريب يوما ومعها عدة من جواريها فوافتنا ونحن على شرابنا فتحدثت معنا ساعة وسألتها تقيم عندي فأبت وقالت وعدت جماعة من أهل الأدب والظرف أن أصير إليهم وهم في جزيرة المؤيد منهم إبراهيم بن المدبر وسعيد بن حميد ويحيى بن عيسى بن منارة فحلفت عليها فأقامت ودعت بدواة وقرطاس وكتبت إليهم سطرا واحدا بسم الله الرحمن الرحيم أردت ولولا ولعلي ووجهت بالرقعة إليهم فلما وصلت قرأوها وعيوا بجوابها فأخذها إبراهيم بن المدبر فكتب تحت أردت ليت وتحت لولا ماذا وتحت لعلي أرجو ووجه بالرقعة فلما قرأتها طربت ونعرت وقالت أنا أترك هؤلاء وأقعد عندكم تركني الله إذا من يديه فقامت ومضت إليهم وقالت لكم في جواري كفاية وكتبت إليه مرة وهب الله بقاءك ممتعا بالنعم ما زلنا أمس في ذكرك فمرة نمدحك ومرة نأكلك ونذكرك بما فيك لونا لونا إجحد ذنبك الآن وهات حجج الكتاب ونفاقهم فأما خبرنا أمس فإنا شربنا من فضل نبيذك على تذكارك رطلا رطلا وقد رفعنا حسابنا إليك فارفع حسابك وخبرنا من زارك أمس وألهاك وأي شيء كنت القصة على جهتها ولا تخطرف فتحوجنا إلى كشفك والبحث عنك وقل الحق فمن صدق نجا ومن أحوجك إلى تأديب فإنك لا تحسن أن تؤدبه والحق أقول إنه يعتريك كزاز شديد يجوز حد البرد وكفاك بهذا من قول وإن عدت سمعت أكثر من ذلك والسلام وقال أبو عبد الله ابن حمدون اجتمعت أنا وإبراهيم بن المدبر وابن منارة والقاسم بن زرزور في بستان بالمطيرة في يوم غيم يهريق رذاذه ويقطر أحسن قطر ونحن في أطيب عيش وأحسن يوم فلم نشعر إلا بعريب قد أقبلت من بعيد فوثب إبراهيم بن المدبر من بيننا وخرج حافيا حتى تلقاها وأخذ بركابها حتى نزلت وقبل الأرض بين يديها وكانت قد هجرته مدة لشيء أنكرته عليه فجاءت وجلست وأقبلت عليه مبتسمة ثم قالت غنما جئت إلى من هاهنا لا إليك فاعتذر وشيعنا قوله وشفعنا له فرضيت وأقامت عندنا يومئذ وباتت واصطبحنا من غد وأقامت عندنا فقال إبراهيم
(٣٦٦)