الوافي بالوفيات - الصفدي - ج ١٩ - الصفحة ٣٤١
وكان العزيز في آخر أمره قد توجه إلى الفيوم فطرد فرسه وراء صيد فتقطر به فأصابته الحمى وحمل إلى القاهرة فتوفي بها وكتب الفاضل إلى عمه الملك العادل رسالة يعزيه منها فنقول في توديع النعمة بالملك العزيز لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم قول الصابرين ونقول في استيفائها بالملك العادل الحمد لله رب العالمين قول الشاكرين وقد كان من أمر هذه الحادثة ما قطع كل قلب وجلب كل كرب ومثل هذه الواقعة لكل أحد ولا سيما لأمثال الملوك مواعظ من الموت بليغة وأبلغها ما كان في شباب الملوك فرحم الله ذلك الوجه ثم السبيل يسره * وإذا محاسن أوجه بليت * فعفا الثرى عن وجهه الحسن * والمملوك في حال تسطير هذه الخدمة جامع بين مرضي قلب وجسد ووجع أطراف وغليل كبد فقد فجع المملوك بهذا المولى والعهد بوالده غير بعيد والأسى في كل يوم جديد وما كان ليندمل ذلك القرح حتى أعقبه هذا الجرح فالله تعالى لا يعدم المسلمين سلطانهم الملك العادل السلوة كما لا يعدمهم بنبيهم صلى الله عليه وسلم الأسوة ودفن بالقرافة الصغرى في قبة الإمام الشافعي ورتب بعده ولده الملك الناصر محمد وأتابكه بهاء الدين قراقوش ولابن الساعاتي فيه أمداح كثيرة وقال يرثيه من قصيدة طويلة أولها * خلا الدست من ذاك الجلال الممنع * فسلم على الدنيا سلام مودع * * مضى بعدما عمت سراياه والندى * وسار مسير الشمس في كل موضع) * (وأطلع في الآفاق زرق رماحه * نجوما وما زهر النجوم بطلع * * وما كان إلا البدر غاب ولم يعد * كعود أخيه البدر يوما لمطلع * * فجعنا بأندى من سحاب بنانه * وأجرأ من ليث العرين وأشجع * * يقابل منه البدر ليلة تمه * منيرا وندعو منه أكرم من دعي * * شبيبة دبت عقارب ليلها * ومن يسر في ليل الشبيبة يلسع * * تولى فلا درع الغمام بحافل * غزير ولا وادي البلاد بممرع * * وقد كان تبكيه السيوف بأدمع * هواطل لو تبكي السيوف بأدمع * * قفا واندبا غمدا خلا من حسامه * ونوحا على ربع من الملك بلقع *
(٣٤١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 336 337 338 339 340 341 342 343 344 345 346 ... » »»