ولما مات رثاه الفقيه أبو العباس أحمد ابن المنير بقوله * ألا أيها المختال في مطرف العمر * هلم إلى قبر الفقيه أبي عمرو * * ترى العلم والآداب والفضل والتقى * ونيل المنى والعز غيبن في قبر * * وتوقن أن لا بد ترجع مرة * إلى صدف الأجداث مكنونة الدر * وكان ابن الحاجب وابن مالك رحمهما الله تعالى طرفي نقيض خالفا العادة لأن ابن مالك مغربي شافعي وابن الحاجب كردي مالكي ومن هنا غلط بعض الشراح للمقدمة فجعله مغربيا لما سمع بأنه مالكي قال القاضي شمس الدين ابن خلكان رحمه الله تعالى وجاءني مرارا بسبب أداء شهادات وسألته عن مواضع في العربية مشكلة فأجاب أبلغ إجابة بسكون كثير وتثبت تام ومن جملة ما سألته عن مسألة اعتراض الشرط على الشرط في قولهم إن أكلت إن شربت فأنت طالق لم) تعين تقديم الشرب على الأكل بسبب وقوع الطلاق حتى لو أكلت ثم شربت لم تطلق وسألته عن بيت أبي الطيب المتنبي وهو * لقد تصبرت حتى لات مصطبر * فالآن أقحم حتى لات مقتحم * ولات ليست من أدوات الجر فأطال الكلام فيها وأحسن الجواب عنهما ولولا التطويل لذكرت ما قاله انتهى قلت بلغني أن الشيخ صدر الدين ابن الوكيل كان يقول والله مصيبة أن يسأل ابن خلكان مثل ابن الحاجب وما كان ابن الحاجب يحسن يجيبه وأما هاتان المسألتان فلم يذكر ابن خلكان الجواب عنهما وهو سهل واضح مشهور أما الأولى فإن الشرط المعترض بين الجواب والشرط الأول حكمه أن يكون مقدما على ما قبله في المعنى وإن كان اللفظ آخره كقوله تعالى ولا ينفعكم نصحي إن أردت أن أنصح لكم إن كان الله يريد أن يغويكم والتقدير ولا ينفعكم نصحي إن كان الله يريد أن يغويكم إن أردت أن أنصح لكم ومثله قوله تعالى وامرأة مؤمنة إن وهبت نفسها للنبي إن أراد النبي أن يستنكحها فعلى هذا إذا قلت إن دخلت الدار إن كلمت زيدا فأنت حر فدخل الدار ثم كلم زيدا لا يتحرر ولا يعتق إلا إن كلم زيدا ثم دخل الدار لأن الجواب عن الشرط الأول صار معلقا بالشرط الثاني الذي اعترض وكذا لو قلت إن أكلت إن شربت إن نمت فأنت حر فالثالث وجوابه جواب للشرط الثاني والثاني وجوابه جواب للأول فلو أكل ثم شرب ثم نام لم يعتق ولا يعتق إلا إن نام ثم شرب ثم أكل وأما البيت فإن المتنبي كان نحوه نحو الكوفيين وهذا جائز عندهم وأنشدوا عليه * طلبوا صلحنا ولات أوان * فأجبنا أن ليس حين بقاء *
(٣٢٥)