ولازم أبا سعيد السيرافي إلى أن توفي السيرافي ولازم الفارسي واتبعه إلى فارس وكان إذا سمع كلام الجاحظ انحدر ويسدر عجبا به وكان يقول قد رضيت في الجنة بكتب الجاحظ بكتب الجاحظ عوضا من نعيمها وكان من فرسان النحو واللغة والشعر المنصور الزيدي عبد الله بن حمزة أبو محمد المنصور المعروف بابن الهادي يحيى بن الحسين وسوف يأتي ذكره في ذكره في حرف الياء في مكانه وقد مر ذكر ولده المرضي محمد بن يحيى في المحمدين وكان منصورا شهما حازما عظيم الناموس وكان أهل اليمن يتوالونه ويحدث نفسه بمدارك تعجز قدرته عنها وما زال يمارس الديلم وأهل طبرستان بالمراسلات والهدايا لما يعلم من موالاتهم لأهل البيت حتى خطب له في بعض تلك البلاد وقام له هناك داع تغلب على أكثر بلاد جيلان وخطب له على منابرها على أنه لم يزل مقيما ببلاد صعدة وكان معاصرا للإمام الناصر العباسي وكان يشبه به في الدهاء وكثرة التطلع إلى أخبار الرعايا حتى أنه كان يواصل طوائف العرب بحمل الأموال ويحرضهم على ذلك ويعدهم على قتله وكان المنصور لكثرة اطلاعه واحترازه لا يطلع الناس فلا يظفر الناصر بشيء منه وقال يوما إن هذا الرجل قد أفنى الأموال الجليلة على الظفر بي ولو بذل لي بعض هذه الأموال لملك بها قيادي ولكنت له أنصح وأخلص من كثير ممن يعتمد عليهم وكان يربح التعب من طلب ما لا يناله مع الحصول على ودي فبلغ ذلك الناصر فقال أنا يسهل علي المال العظيم أملا أن أبلغ أقل غرض لي على وجه الغلبة ولا يسهل علي بذل درهم واحد مع وهم أنه خداع وكان للمنصور وزير نفذ إليه الناصر بجملة من المال على أن يكون بطانة له يعينه على بلوغ غرضه فأطلع الوزير المنصور على ذلك فشكره وأحسن إليه ووصله ثم إنه قطعه عن خدمته فقيل له في ذلك فقال لا يسهل علي أن يخدمني وأراه بعين أنه يمتن علي بأنه أبقى) علي روحي وفي الناس سعة لي وله ولما مات أقما الزيدية ولده مقامه واختبروه في علمه فوجدوه ناقصا عن رتبة الإمامة فلم يخطبوا له بها والزيدية لا بد لهم من إمام فاطمي فراسلوا أحمد بن الحسين المعروف بالموطي وهو من بني عم المنصور وكان مشورا بكمال العلم والزهد وخطبوا له في قلعة ثلا من حصون اليمن وكان على غاية من الزهد والعبادة لا يسكن قلعة ولا يأوي إلا البراري والجبال ومن شعر المنصور عبد الله المذكور يشير أن دعوته قد بلغت بلاد جيلان وجاوزت العراق وهو مقيم بمكانه في صعدة من السريع
(٨٠)