ويعطي ولايتي سواه ولا يقبل الله مني إلا إياه والوفاء به فقال المنصور إذا وقعت عيني عليه فهذا الأمان له صحيح لأني لا آمن إن أعطه إياه قبل رؤيتي له أن يسير في البلاد ويسعى علي بالفساد وتهيأت له الحيلة من هذه الجهة وقال من كتب له هذا الأمان فقيل ابن المقفع كاتب عيسى بن علي فقال المنصور فما أحد يكفنيه وكان سفيان بن معاوية أمير البصرة من قبل المنصور يضطغن على ابن المقفع أشياء كثيرة منها أنه كان يهزأ به ويسأله عن الشيء بعد الشيء فإذا أجابه قال أخطأت ويضحك منه فلما كثر ذلك على سفيان غضب وافترى عليه فقال له ابن المقفع يا ابن المغتلمة والله ما اكتفت أمك برجال العراق حتى تعدتهم إلى الشام فلما قال المنصور ذلك الكلام كتب أبو الخصيب إلى سفيان بذلك فعمل على قتله فقال يوما علي بن عيسى لابن المقفع صر إلى سفيان فقل له كذا وكذا فقال وجه معي إبراهيم بن جبلة بن مخزمة الكندي فإني لا آمن سفيان فتوجها إليه فأذن لإبراهيم بن جبلة قبله فدخل ثم خرج الإذن لابن المقفع فلما دخل عدل به إلى مقصورة فيها غلامان فأوثقاه كتافا فقال إبراهيم لسفيان ايذن لابن المقفع فقال للآذن ايذن له فخرج ثم رجع فقال له إنه انصرف فقال سفيان لإبراهيم هو أعظم كبرا من أن يقيم وقد أذنت لك قبله وما أشك في أنه غضب ثم قام سفيان وقال لإبراهيم لا تبرح ودخل المقصورة التي فيها ابن المقفع فقال له وقد وقعت عينه عليه أنشدك الله فقال أمي مغتلمة كما قلت إن لم أقتلك قتلة لم يقتل بها أحد وأمر بتنور فسجر ثم أمرهما فقطعا منه عضوا عضوا ويلقى في التنور وهو يرى إلى أن قطع أعضاءه ثم أحرقه وهو يقول والله يا ابن الزنديقة لأحرقنك بنار الدنيا قبل نار الآخرة فلما فرغ منه رجع لإبراهيم فحدثه ساعة ثم خرج إبراهيم فقال له غلام ابن المقفع ما فعل مولاي فقال ما رأيته فقال دخل بعدك إلى سفيان فرام الرجوع إلى سفيان فحجب عنه فانصرف غلام ابن المقفع وهو يقول سفيان قتل مولاي فدخلا على عيسى ابن علي فقال ما هذا فخبره الخبر فقال عيسى إرجع إلى سفيان وقل له خل سبيل ابن المقفع ما لم تكن قتلته وإن كنت قتلته فوالله لأطالبنك بدمه ولا أدع جهدا فعاد إليه وقال له ذلك فقال ما رأيته وسعى سفيان مع) أبي أيوب المورياني إلى المنصور وطلب سفيان إلى المنصور وجرت أمور وذهب ابن المقفع وقيل إن سفيان لما أراد قتل ابن المقفع قال له والله إنك لتقتلني فيقتل بقتلي ألف نفس ولو قتلوا مثلك مائة ما وفوا بواحد ثم قال من الوافر * إذا ما مات مثلي مات شخص * يموت بموته خلق كثير * * وأنت تموت وحدك ليس يدري * بموتك لا الصغير ولا الكبير *
(٣٤١)