فلما نظر إليه أنكر بكوره وعبس في وجهه وقال له في الدنيا أحد بكر هذه البكرة ليشغلنا عن أمورنا فقال له صالح أصلحك الله ليس العجب منك فيما تلقيتني به إنما العجب مني إذا سهرت ليلتي وأسهرت جميع من في منزلي تأميلا لك وتوقعا للصبح حتى أصير إليك وأستعينك على صلاح أمري فعلي وعلي إن وقفت لك في باب أو سألتك حاجة حتى تصير إلى معتذرا وانصرف صالح مغموما مفكرا فيما فرط منه نادما على اليمين غير شاك في العطب فبينا هو كذلك إذ دخل عليه بعض الغلمان فقال له الأمير أحمد بن أبي خالد مقبل إليك من الشارع ثم دخل آخر وقال قد دخل دربنا ثم دخل آخر وقال قد قرب من الباب ثم تبادر الغلمان بين يديه وخرج فاستقبله فلما استقر به المجلس قال كان أمير المؤمنين قد أمرني بالبكور إليه في بعض) مهماته فدخلت إليه وقد غلبني السهو بما فرط مني إليك حتى أنكر علي فقصصت عليه القصة فقال لي قد أسأت إلى الرجل فامض إليه معتذرا مما قلته فقلت له أفأمضي إليه فارغ اليدين فقال فتريد ماذا فقلت يقضى دينه فقال وكم هو فقلت ثلاثمائة ألف درهم فأمرني بالتوقيع لك بها فوقعت قم قلت فإذا قضى يرجع إلى ماذا قال فوقع له بثلاثمائة ألف درهم يصلح بها أمره فقلت ولاية يتشرف بها فقال وله مصر أو ما يشبه ذلك قلت فمعونة يستعين بها على سفره فوقع لك بمائة ألف درهم وهذه التوقيعات لك بسبعمائة ألف درهم وهذا التوقيع بولاية مصر وانصرف ابن أبي خالد رحمه الله تعالى 3 (رأس الصالحية من المرجئة)) صالح بن عمر الصالحي المرجئ رأس الصالحية وهم فرقة من المرجئة قال صالح هذا الإيمان هو معرفة الله على الإطلاق وهو أن للعالم صانعا فقط قال والكفر هو الجهل به على الإطلاق قال وقول القائل ثالث ثلاثة ليس بكفر وزعم أن معرفة الله تعالى هي محبته والخضوع له قال ويصبح ذلك مع جحد الرسول قال ويصح في العقل أن يؤمن بالله ويجحد الرسول ولا يؤمن به قال والصلاة ليست عبادة الله تعالى لا عبادة له إلا الإيمان به وهو معرفته وهي خصلة واحدة لا تزيد ولا تنقص قال وكذلك الكفر خصلة واحدة لا تزيد ولا تنقص قال أبو شمر إذا قامت حجة النبي صار الإقرار به من الإيمان لكنه غير داخل في الإيمان الأصلي الذي هو معرفة الله تعالى وشرط الإيمان أن يعرف أن القدر خيره وشره من العبد ولا يضاف شيء منه إلى الله عز وجل فقال بالقدر وقال غيلان الدمشقي الإيمان هو معرفة الله تعالى ومحبته والإقرار بالرسل لكن المعرفة بالله عز وجل وأنه صانع العالم ومحبته فطرية وهذا لا يسمى إيمانا وكسبيته وهي التصديق بما جاء به الرسل فهذه هي التي تسمى إيمانا قال ذلك
(١٥٤)