الوافي بالوفيات - الصفدي - ج ٨ - الصفحة ١٥
غبريال فاتفق أن هرب مملوك للأمير شهاب الدين قرطاي فظفر به الصاحب وأمره أن يكتب على يده إلى مخدومه كتابا يقول فيه إنه إنما هرب خوفا منك فكتب الكتاب وجاء في هذا المعنى المقصود فقال وإذا حسن المقر فلما وقف الصاحب على ذلك أنكر هذا وقال ما هذه مليحة فطار عقل شهاب الدين لأنه ظن أن ذلك يصادف موقعا يهش له ويزهزه فضرب الدواة إلى الأرض وقال ما أنا ملزوم بالغلف القلف وخرج متوجها إلى اليمن وكتب لصاحبها ثم خرج منها هاربا وشهاب الدين رحمه الله إنما أخذ هذا من قول الشاعر * تجنبت الأباعد والأداني * لكثرة ما يعاودني أذاهم * * إذا خشن المقر لدى أناس * فقد حسن المفر إلى سواهم * وكان خشن الملبس شظف العيش مطرح الكلفة يلبس البابوج الذي يلبسه الصوفية ويلف الطول المقفص الإسكندراني والقماش القصير وكان حلو المعاشرة ألف به القاضي فخر الدين ناظر الجيش واستكتبه في باب السلطان ولما توفي فخر الدين رجع إلى الشام كاتب إنشاء واختلط قبل موته بسنتين وكان مولده قبل مولد أخيه علاء الدين بشهور سنة إحدى وخمسين تقريبا بمكة ووفاته بعد أخيه بشهور سنة سبع وثلاثين وسبعمائة وكان يقول دائما زاحمني أخي علي في كل شيء حتى قي لبن أمي ومات وله ست وثمانون سنة تقريبا وسمع من ابن عبد الدايم وقرأ على ابن مالك وعرض عليه العمدة وبعده على ولده بدر الدين وعلى مجد الدين بن الظهير الإربلي وخرج له البرازالي مشيخة منهم ابن أبي اليسر ولأيوب الحمامي والزين خالد وعبد الله بن يحيى ابن البانياسي ومحمد بن النشبي ويحيى بن الناصح وكان إذا أنشأ أطال فكره ونتف شعر ذقنه أو وضعه في فمه وقرضه بثناياه أنشدني من لفظه لنفسه * والله ما أدعو على هاجري * إلا بأن يمحن بالعشق) * (حتى يرى مقدار ما قد جرى * منه وما قد تم في حقي * وأنشدني من لفظه لنفسه * يا حسنها من رياض * مثل النضار نضاره * * كالزهر زهرا وعنها * ريح العبير عبارة * وأنشدني من لفظه لنفسه * بأبي صائغ مليح التثني * بقوام يزري بخوط البان * * أمسك الكلبتين يا صاح فاعجب * لغزال بكفه كلبتان * وأنشدني العلامة أثير الدين من لفظه قال أنشدني المذكور لنفسه بالقاهرة * طرفك هذا به فتور * أضحى لقلبي به فتون * * قد كنت لولاه في أمان * لله ما تفعل العيون * وأنشدني بالسند المذكور له
(١٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 10 11 12 13 14 15 16 17 18 19 20 ... » »»