الوافي بالوفيات - الصفدي - ج ٥ - الصفحة ٣١
المؤيد هشام بن الحكم الأموي فحاربه ابن عمه منذر ابن يحيى التجيبي واستظهر عليه وعجز عن دفعه وكان داهية لم يعدله أحد من أصحاب السيوف في الدهاء وكان ولده معن مصاهرا لعبد العزيز بن أبي عامر صاحب بلنسية فوثب عبد العزيز على المرية لما قتل زهير لأنه مولاهم فحسده صاحب دانية مجاهد بن عبد الله العامري فقصد بلاد عبد العزيز وهو مشتغل في تركة زهير فلما أحس به خرج إليه من المرية وخلف بها صهره ووزيره معن بن صمادح فخانه في الأمانة وغدر به وطرده عن الإمارة ولم يبق من ملوك الطوائف أحد إلا ذمه إلا أنه تم له الأمر واستتب فلما مات انتقل الملك إلى ولده محمد المعتصم تسمى بأسماء الخلفاء وكان رحب الفناء جزل العطاء حليما عن الدماء فطافت به الآمال واتسع في مدحه المقال ولزمه جماعة من الشعراء كابن الحداد وغيره وكان يوسف بن تاشفين قد أقبل على المعتصم بخلاف ملوك الطوائف فلما خرج عن طاعته المعتمد شاركه في ذلك المعتصم فعزم ابن تاشفين على خلعهما فلما كان إلا أن قصدهما وخيم بفناء المعتصم فمات المعتصم سنة أربع وثمانين وأربع مائة بالمرية قالت أروى بعض حظاياه إني لعند المعتصم وهو يوصي بشأنه ونحن بحيث نعد خيمات ابن تاشفين ونسمع صوتهم إذ سمع وجبة من وجباتهم فقال لا إله إلا الله نغص علينا كل شيء حتى الموت فدمعت عيني فلا أنسى طرفا يرفعه إلي وإنشاده لي بصوت لا أكاد أسمعه * ترفق بدمعك لا تفنه * فبين يدي بكاء طويل * كتب المعتصم إلى ابن عمار يعاتبه * وزهدني في الناس معرفتي بهم * وطول اختباري صاحبا بعد صاحب) * (فلم ترني الأيام خلا تسرني * مباديه إلا ساءني في العواقب * * ولا صرت أرجوه لدفع ملمة * من الدهر إلا كان إحدى النوائب * فأجاب ابن عمار بقوله * سواك يعي قول الوشاة من العدى * وغيرك يقضي بالظنون الكواذب * * ولو أن دهري ساعدتني صروفه * ركبت إلى مغناك هوج الركائب * * وقبلت من يمناك أعذب مورد * وأديت من رؤياك آكد واجب * ومن شعر المعتصم أيضا * يا من بجسمي لبعده سقم * ما منه غير الدنو يبريني * * بين جفوني والنوم معترك * تصغر عنه حروب صفين * * إن كان صرف الزمان أبعدني * عنك فطيف الخيال يدنيني * وامتدحه ابن الحداد بقصيدة أولها * لعلك بالوادي المقدس شاطئ * فكالعنبر الهندي ما أنا واطئ *
(٣١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 26 27 28 29 30 31 32 33 34 35 36 ... » »»