وكتب إليه النشؤ أحمد بن نفاذة يستدعيه أيام المشمش الطويل * دعا الناس للذات مشمش جلق * فقد أسرعوا من كل غرب ومشرق) * (فقم يا عماد الدين تحظ بأكله * ولا تثن عنه عزمة السير تسبق * * وقل حين يبدو أحمر اللون مشرقا * ويا حسنه من أحمر اللون مشرق * * لأكلك ما يلقى الفؤاد وما لقى * وللتوت ما لم يبق مني وما بقي * فأجاب العماد عن ذلك الطويل * تغنم زمان الجود في اللهو وأسبق * وفز باجتماع الشمل قبل التفرق * * هلموا إلينا نحو مشمش جلق * وثم لما نهوى على الأكل نلتقي * * تصفر شوقا لانتظار قدومنا * ومن يتشوق ذا الفضائل يشتق * * وما رمقت للشوق رمد عيونه * فإن تترمق منه تنظر وترمق * * نواظر أحداق لها في حدائق * نواضر أن يحدق بها المرء يحذق * * إذا حضرت أطباقه غاب رشدنا * لما نتلاقى من مشوق وشيق * * لأن مذاب الشهد فيه مجسد * أجد له عهد الرحيق المعتق * * وما اصفر إلا خوف أيدي جناته * فليس له أمن من المتطرق * * حكى جمرات بالأضي قد تعلقت * فيا عجبا من جمره المتعلق * * كأن نجوم الأرض فوق غصونه * فيا حيرتا من نجمه المتألق * * وحباتها محمرة وجناتها * فمن يرها مثلي يحب ويعشق * * بدت بين أوراق الغصون كأنها * كرات نضار في لجين مطرق * فلما أنشدت للسلطان صلاح الدين قال تشبيه الورق باللجين غير موافق فإن الورق أخضر فقال العماد بالزمرد محدق الطويل * تساقطها أشجارها فكأنها * دنانير في أيدي الصيارف ترتقي * وكتب العماد إليه أيضا جوابا من أبيات المنسرح * مصور بل مدور عجب * ترى به وهو جامد شعلا * * ففي قلوب الأشجار منه جذي * وفي ظهور الغصون منه حلى * * طلوا بماء النضار ظاهره * لباطن في حشاه نار طلا * * حلى تبر على عرائس أغصان تشكت من قبلها عطلا * * حمر حسان الوجوه قد لبست * من خضر أوراقها لها حللا) * (عرائس من خدورها برزت * تحسب أشجارها لها كللا *
(١٢٢)