وعضديه وفارسيه بتخاص والأزرق، ثم تغافل عنه لما له من الأيادي البليغة، وهرب كتبغا على فرس النوبة في خمسة مماليك، والتجأ إلى دمشق، وزال ملكه. واستاق لاجين الخزائن والعساكر بين يديه، وساق تحت العصائب، وما دخل غزة إلا وهو سلطان، وأطاعته الأمراء.
ولم يختلف فيه اثنان، ولا انتطح فيها عنزان، وزينت له الإقليمان.
وتملك في أول صفر، وجلس على سرير الملك بمصر في يوم الجمعة عاشر صفر سنة ست وتسعين، وبعث على نيابة دمشق قبجق خشداشه، وجعل نائبه للديار المصرية قراسنقر إلى أن تمكن وقبض عليه في ذي القعدة، وأقام في نيابة الملك مملوكه منكودمر، فشرع يحسن له القبض على الأمراء ليصفى الوقت له، وهو لا يكاد يخالفه، فأمسك البيسري، وقراسنقر المنصوري، وعز الدين أيبك الحموي، وسقى جماعة. وبسبب ذلك هرب قبجق، وبكتمر، وألبكي، وبزلار إلى التتار. ولم يخرج إلى الشام مدة ملكه، وبقي في الآخر يقلل من الركوب ويتخوف من الأمراء. ولما كان يوم الخميس عاشر ربيع الآخر ركب في موكبه وهو صائم، فلما كان بعد عشاء الآخرة قتل. عمل عليه جماعة من الأشرفية خوفا منه وأخذا بثأر أستاذهم، فقرأت بخط ابن أبي الفتح قال: نقلت من خط القاضي حسام الدين الحنفي؛ قتل السلطان الشهيد حسام الدين أبو الفتح لاجين الملك المنصور في آخر الساعة الثالثة من ليلة الجمعة الثاني عشر من جمادى الأخرة في قلعة القاهرة، قتله سبعة أنفس على غرة منه، لأنه كان منكبا على اللعب بالشطرنج، وما عنده إلا أنا، وعبد الله الأمير، وبريد البدوي، وإمامه مجير الدين ابن العسال، ولما نظرت رأيت ستة سبعة سيوف تنزل عليه.
قلت: بلغني أن الذي ضربه أولا على كتفه بالسيف الأمير سيف الدين كرجي مقدم البرجية ثم أسرع كرجي وطغجي في الحال إلى دار منكوتمر، فدقوا عليه الباب وقالوا: السلطان يطلبك. فنكرهم وخاف وقال: قتلتموه؛ قال كرجي: نعم يا مأبون، وجئنا نقتلك، فاستجار بطغجي، فأجاره وحلف