تاريخ الإسلام - الذهبي - ج ٥٢ - الصفحة ٢٠٨
وروى الكثير بالحرمين، والعراق، ودمشق.
وسمع منه خلق كثير، منهم: أبو محمد البرزالي، فسمع منه بقراءته وقراءة غيره ' صحيح البخاري ' وكتابي عبد والدارمي، و ' جامع الترمذي '، و ' مسند الشافعي '، و ' معجم الطبرانيو ' سنن ابن ماجة '، و ' المستنير ' لابن سوار، و ' المغازي ' لابن عقبة، و ' فضائل القرآن ' لأبي عبيد، ونحوا من ثمانين جزءا به.
ولبس منه الخرقة خلق.
وقرأ عليه القراءات جماعة، منهم: الشيخ جمال الدين إبراهيم البدوي، والشيخ أحمد الحراني، والشيخ شمس الدين الأعرج، وشمس الدين بن غدير.
وكان فقيها، سلفيا، مفتيا، مدرسا، عارفا بالقراءآت ووجوهها، وبعض عللها، خطيبا، واعظا، زاهدا، عابدا، صوفيا، صاحب أوراد، وأخلاق وكرم وإيثار ومروءة وفتوة وتواضع، وعدم تكلف. له أصحاب ومريدون يقتدون بآدابه وينتفعون بصحبته في الدنيا والآخرة، ويسعهم بخلقه وسخائه وبسطه وحلمه وماله وجاهه. وكان كبير القدر، وافر الحرمة، له القبول التام من الخاص والعام. وله محبة في القلوب، ووقع في النفوس.
قدم من الحجاز، بعد مجاورة مدة، سنة تسعين، فسمع من ابن البخاري، وابن الواسطي.
وكان حسن القراءة للحديث، فولي مشيخة الحديث بالظاهرية والإعادة بالناصرية، وتدريس النجيبية. ثم ولي خطابة البلد بعد زين الدين ابن المرحل، فكان يخطب من غير تكلف ولا تلعثم. ويخرج من الجمعة وعليه السواد، فيمشي بها، ويشيع جنازة، أو يعود أحدا، ويعود إلى دار الخطابة.
وله نوادر وسجع وحكايات حلوة في لبسه وخطابه وخطابته، وكان ظريفا، حلو المجالسة، طيب الأخلاق.
وكان الشجاعي نائب السلطنة قائلا به، معظما له. وكان هو يمشي إليه إلى دار السعادة. وكان بعض الزهاد ينكر ذلك عليه.
(٢٠٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 203 204 205 206 207 208 209 210 211 212 213 ... » »»