ونقبوا لها في السور في البدنة، وهي أكبر من أعمدة الجامع، فأقيمت وعمل عليها القبو الذي بين يدي القبة. وعسف الصناع، واستحثهم بنفسه، وبنى بنيانا خشنا جاهليا، وزخرفة، ودخل فيه أقل من ثلاثة ألاف دينار، وقد سهرت في عمله ليالي مع أبي رحمه الله. وتكامل جميعه في سبعة أشهر.
وكان الدهانون يعملون في المقرفص والأساس لم يرتفع بعد، وجلب لذلك الرخام المفتخر من عكا وصور وبيروت وتلك الديار. وخرب حمام الملك السعيد الذي تجاه باب السر، ولم يكن له نظير في الحسن، وخرب الأبينة التي من جسر الزلابية إلى قرب باب الميدان، وذهبت أملاك الناس وتعثروا.
وكان هذا المكان مليح ويعرف بالمسابح، وعلى النهر العابر إلى خندق القلعة دور حسنة، وفي النهر مركب يركب فيه الشباب للفرجة، وقد ركبت فيه مع جدي العلم وأنا ابن خمس سنين، وأعطى الذي في المركب أجره.
[غضب السلطان على بعض خواصه] وكان السلطان لما قدم دمشق انبسط هو أو بعض خواصه الملاح على نائب القلعة أرجواش فقال: وقعنا في الصبيانية. فغضب السلطان وأمر بشنقه، وألبس عباءة ليشنق فيها. ثم شفعوا فيه، فحبس مدة، ثم أطلع من الحبس ولزم بيته بلا خبز.
ثم خلع عليه في رمضان، وأعطي خبزه، وأعيد إلى نيابة القلعة، ورتب معه بالقلعة الأمير أسندمر المنصوري، وأنزل الباسطي إلى البلد.
[تولية ابن جماعة قضاء مصر] وفي رمضان طلب القاضي بدر الدين ابن جماعة قاضي القدس وخطيبه