تاريخ الإسلام - الذهبي - ج ٥٠ - الصفحة ١٣٢
قاضي القضاة، شمس الدين، أبو محمد الأدرعي، الحنفي.
ولد سنة خمس وتسعين وخمسمائة.
وسمع من: حنبل، وعمر بن طبرزد، وأبي اليمن الكندي، وداود بن ملاعب، والشيخ الموفق.
وتفقه ودرس وأفتى، وصار المشار إليه في المذهب. وولي عدة مدارس. وناب في القضاة عن صدر الدين ابن سني الدولة، وغيره.
ثم ولي قضاء الحنفية لما جددت القضاة الأربعة. وكان إماما فاضلا، دينا، متواضعا، محمود السيرة، حسن العشرة، قانعا باليسير، قليل الرغبة في الدنيا، تاركا للتكلف.
تفقه عليه جماعة. ولقد صدع بالحق لما حصلت الحوطة على البساتين، فجرى الكلام في دار العدل بدمشق بحضور السلطان، فكل ألان القول، ودارى الحدة من الدولة، وخشي سطوة الملك، إلا هو، فإنه قال: ما يحل لمسلم أن يتعرض لهذه الأملاك، ولا إلى هذه البساتين، فإنها بيد أصحابها، ويدهم عليها ثابتة.
فغضب السلطان الملك الظاهر، وقام وقال: إذا كنا ما نحن مسلمين أيش قعودنا؟ فأخذ الأمراء في التلطف، وقالوا: لم يقل عن مولانا السلطان.
ولما سكن غضبه قال: أثبتوا كتبنا التي تخصنا عند الحنفي. وتحقق صلابته في الدين، ونبل في عينه.
روى عنه: قاضي القضاة شمس الدين ابن الحريري، وأبو الحسن بن العطار، وجماعة.
ومات في جمادى الأولى بمنزله بسفح قاسيون، وشيعه خلائق، ولم يخلف بعده مثله.
(١٣٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 127 128 129 130 131 132 133 134 135 136 137 ... » »»