الملك السعيد نجم الدين يطلبه، فسير إليه ولده الملك المظفر في خدمته سابق الدين بلبان، والقاضي مهذب الدين محمد بن مجلي، ومعهم تقادم، واعتذر بالمرض به فوافق وصولهم إليه أخذه لقلعة اليمانية وإنزاله منها حريم الملك الكامل صاحب ميافارقين، وولده الملك الناصر يوسف بن الكامل، والملك السعيد عمر، وابن أخيه الملك الأشرف أحمد، والملك الصالح أيوب بن الملك المشمر ابن تاج الملوك علي بن العادل. فلما رآهم ابن صاحب ماردين جزع وأدى الرسالة فقيل له: ليس مرضه بصحيح وإنما هو، متمارض محافظة للملك الناصر صاحب الشام، فإن انتصرت عليه اعتذر إلي بزيادة المرض، وإن انتصر علي بقيت له يد بيضاء عند الناصر، فلو كان للناصر قوة يدفعني لما مكنني من دخول هذه البلاد، وقد بلغني أنه بعث حريمه وحريم أمرائه وكبراء رعيته إلى مصر، ولو نزل صاحبكم إلي رعيت له ذلك.
ثم أمر برد القاضي وحده، فعاد وأخبر مخدومه بصورة الحال، فتألم على إرساله ولده، وبعث رسولا إلى الملك الناصر يستحثه على الحركة، ويعرفه أنه متى وصل إلى حلب قدم إليه برجاله وأمواله. وسير في الظاهر إلى هولاكو بهدية، وفي الباطن إلى ولده يحرضه على الهروب. وسير إلى صاحبي الروم عز الدين وركن الدين ينكر عليهما كونهما في خدمة هولاكو، ويقول:
إن بقى عليكما فإنما ذلك ليغر الملك الناصر، فأعملا الحيلة في الانفصال عنه، والحذر منه.
[الخوف من التتار بالشام] وفي أواخر السنة وقعت الأراجيف بحركة التتار نحو الشام فانجفل الخلق.