تاريخ الإسلام - الذهبي - ج ٤٨ - الصفحة ٢٤٥
وبلغ الناصر داود ذلك وهو بحلب، فعظم ذلك عليه. ثم لم يلبث الصالح أن مات، وتملك بعده ابنه تورانشاه قليلا، وقتل، فعمد الطواشي فأخرج الملك المغيث عمر بن الملك العادل بن السلطان الملك الكامل من حبس الكرك، وملكه الكرك والشوبك.
وجاء صاحب حلب فتملك دمشق، ثم مرض بها مرضا شديدا، ومعه الصالح إسماعيل والناصر داود. فقيل إن داود سعى في تلك الأيام في السلطنة. فلما عوفي السلطان بلغه ذلك، فقبض عليه وحبسه بحمص، ثم أخرج عنه بعد مدة بشفاعة الخليفة، فتوجه إلى العراق فلم يؤذن له في دخول بغداد، فطلب وديعته فلم يحصل له. ثم رد إلى دمشق. ثم سار إلى بغداد في سنة ثلاث وخمسين بسبب الوديعة ولجج، وكتب معه الناصر صاحب الشام كتابا إلى الخليفة يشفع فيه في رد وديعته، ويخبر برضاه عنه، فسافر ونزل بمشهد الحسين بكربلاء وسير إلى الخليفة قصيدة يمدحه ويتلطفه، فلم ينفع ذلك.
وهذه القصيدة:
* مقامك أعلى في النفوس وأعظم * وحلمك أرجى في النفوس وأكرم * * فلا عجب إن غص بالشعر شاعر * وفوه مصطك اللهاتن معجم * * إليك أمير المؤمنين توجهي * بوجه رجاء عنده منك أنعم * * إلى ماجد يرجوه كل ممجد * عظيم ولا يرجوه إلا معظم * * ركبت إليه ظهر يهماء قفرة * بها تسرج الأعداء خيلا وتلجم * * وأشجارها ينع، وأحجارها لمى * وأعشابها نبل، وأمواهها دم * * رميت فيافيها بكل نجيبة * بنسبتها يعلو الجذيل وشدقم * * تجاذبنا فضل الأزمة بعدما * براهن موصول من السير مبرم *
(٢٤٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 240 241 242 243 244 245 246 247 248 249 250 ... » »»