بالرواية عن جماعة. وهو آخر من حدث في الدنيا عن شريح، وآخر من روى الموطأ عن ابن عبد الحق سمعه منه بسماعه من البن الطلاع.
قال ابن مسدي: راس شيخنا هذا بالمغربين، وولي القضاء بالعدوتين. ولما أسن، استعفى ورجع إلى بلده، فأقام قاضيا بها إلى أن غلب عليه الكبر، فلزم منزله، وكان عارفا بالإجماع والخلاف، مائلا إلى الترجيح والإنصاف.
قلت: وحدث هو، وجميع آبائه.
ذكره الأبار، فقال: هو من رجالات الأندلس جلالا، وكمالا، ولا نعلم بها بيتا أعرق من بيته في العم والنباهة إلا بيت بني مغيث بقرطبة، وبيت بني الباجي بإشبيلية، وله التقدم على هؤلاء. وولي قضاء الجماعة بمراكش مضافا إلى خطتي المظالم والكتابة العليا فحمدت سيرته، ولم تزده الرفعة إلا تواضعا. ثم صرف عن ذلك كله، وأقام بمراكش زمانا إلى أن قلد قضاء بلده وذهب إليه، ثم صرف عنه قبل وفاته بيسير، فازدحم الطلبة عليه، وكان أهلا لذلك.
وقال ابن الزبير أو غيره: كان لأبي القاسم باع مديد في علم النحو، والأدب. تنافس الناس في الأخذ عنه. وقرأ جميع سيبويه على الإمام أبي العباس أحمد بن عبد الرحمن بن مضاء، وقرأ عليه المقامات.
قلت: ومن المتأخرين الذين رووا عنه بالإجازة محمد بن عياش بن محمد الخزرجي، والخطيب أبو القاسم بن يوسف بن الأيسر الجذامي، وأبو الحكم مالك بن عبد الرحمن بن المرحل المالقي، وأبو محمد عبد الله بن محمد بن هارون الطائي الكاتب وقد سمع منه ابن هارون هذا الموطأ سنة عشرين وستمائة وحدث به سنة سبعمائة، وفيها أجاز لنا مروياته ثم اختلط بعد ذلك، ووقع في الهرم.
فكتب إلينا ابن هارون من تونس ومولده سنة ثلاث وستمائة: أن أبا القاسم أحمد بن يزيد الحاكم أجاز لهم، وهو آخر من حدث عنه، قال: أنبأنا