تاريخ الإسلام - الذهبي - ج ٤٤ - الصفحة ٤٢٠
الإمام شهاب الدين أبو عبد الله المقدسي، الحنبلي. ولد سنة خمسين وخمسمائة ظنا، بجماعيل.
ورحل مع الحافظ عبد الغني سنة ست وستين إلى الحافظ السلفي، فأكثر عنه ورجع فرحل إلى بغداد وسمع من أبي محمد ابن الخشاب، وشهدة، وأبي الحسين عبد الحق، وطبقتهم. وسمع بدمشق من أبي المكارم عبد الواحد بن هلال، وأبي المعالي بن صابر.
قال الضياء: اشتغل ببغداد بالخلاف على الإمام أبي الفتح بن المني، وصار أوحد زمانه في علم النظر. كان يناظر ويقطع الخصوم. وسمعته يقول: إن ابن الجوزي كان تركني عنده، وكان يكرمني ويخصني بالأشياء لكوني عنده.
قال الضياء: ولما عاد موفق الدين يقول: كان إذا لنا عند إنسان ببغداد شيء لا نقدر على تحصيله أرسلنا إليه الشهاب. ثم إنه مرض مرضا شديدا، واصفر لونه، وكان بعض الناس يقول: إنه مسحور والله أعلم وهو كثير الخير والصلاة، سليم الصدر. ولقد رأيتهم بجماعيل يعظمونه تعظيما كبيرا، ولا يشكون في ولايته وكراماته، ولعمري لقد كان على خير كثير من الدين، والصلاح، والذكر، وسلامة الصدر.
وسمعت الإمام أبا محمد عبد الرحمن بن محمد بن عبد الجبار يقول: حدثني جماعة من جماعيل فيهم: خالي عمر بن عوض قال: وقعت في جماعيل فتنة فخرج بعضهم إلى بعض بالسيوف، وكان الشهاب عندنا، قالوا: فسجد ودعا الله. قالوا: فضرب بعضهم بعضا بالسيوف فما قطعت السيوف شيئا. قال عمر: فلقد ضربت رجلا بسيفي وكان سيفا مشهورا فما قطع شيئا. وكانوا يرون أن هذا ببركة دعائه.
وقال عمر ابن الحاجب في معجمه: هو إمام محدث فقيه، عابد، دائم الذكر، لا تأخذه في الله لومة لائم، صاحب نوادر وحكايات، وعنده وسوسة زائدة في الطهارة. وكان يحدث بعد الجمعة من حفظه، وكانت أعداؤه تشهد بفضله.
(٤٢٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 415 416 417 418 419 420 421 422 423 424 425 ... » »»