تاريخ الإسلام - الذهبي - ج ٤٤ - الصفحة ٣٦٤
قال: وكان فاضلا، عالما بالفقه والأصول، وغيرهما. وكان مكرما للعلماء محبا لهم، محسنا إليهم، يحب مناظرتهم بين يديه. ويعظم أهل الدين وبترك بهم. فحكى لي بعض خدم حجرة النبي صلى الله عليه وسلم لما عاد من خراسان، قال: وصلت إلى خوارزم ودخلت الحمام، ثم قصدت باب السلطان، فلما أدخلت عليه أجلسني بعد أن قام لي، ومشى واعتنقني، قال لي: أنت تخدم حجرة النبي صلى الله عليه وسلم قلت: نعم. فأخذ بيدي وأمرها على وجهه، وسألني عن حالنا وعيشنا، وصفة المدينة ومقدارها، وأطال الحديث معي، فلما عزمت، قال: لولا أننا على عزم السفر الساعة لما ودعتك، وإنا نريد أن نعبر جيحون إلى الخطا، وهذا طريق مبارك حيث رأينا من يخدم الحجرة الشريفة، ثم ودعني وأرسل إلي جملة من النفقة.
وقال أبو المظفر ابن الجوزي: إنه توفي سنة خمس عشرة، فغلط، وقال: كان قد أفنى ملوك خراسان، وما وراء النهر، وقتل صاحب سمرقند، وأخلى البلاد، من الملوك واستقل بها، فكان ذلك سببا لهلاكه. ولما نزل همذان، كاتب الوزير مؤيد الدين محمد ابن القمي نائب الوزارة الإمامية عن الخليفة عساكر خوارزم شاه، ووعدهم بالبلاد، فاتفقوا مه الخطا على قتله، وبعث القمي إليهم بالأموال والخيول سرا، فكان ذلك سببا لوهنه وعلم بذلك، فسار من همذان إلى) خراسان ونزل مرو، فصادف في طريقه الخيول والهدايا والكتب إلى الخطا، وكان معه منهم سبعون ألفا، فلم يمكنه الرجوع لفساد عسكره. وكان خاله من أمراء الخطا، وقد حلفوه أن لا يطلع خوارزم شاه على ما دبروا عليه، فجاء إليه في الليل، وكتب في يده صور الحال، ووقف بإزائه، فنظر إلى السطور وفهمها، وهو يقول: خذ لنفسك، فالساعة تقتل، فقام وخرج من تحت ذيل الخيمة ومعه ولداه جلال الدين والآخر، فركب، وسار بهما، ثم دخل الخطا والعساكر إلى خيمته، فلم يجدوه، فنهبوا الخزائن واليخول ، فيقال: إنه كان في خزائنه عشرة آلاف ألف دينار وألف حمل قماش أطلس وغيره. وكانت خيله عشرين ألف فرس وبغل، وله عشرة آلاف مملوك. فهرب وركب في مركب
(٣٦٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 359 360 361 362 363 364 365 366 367 368 369 ... » »»