نزها، لا تأخذه في الله لومة لائم. اتفق أهل دمشق على أنه ما فاتته صلاة بجامع دمشق في جماعة إلا إذا كان مريضا. ثم ذكر حكايات من مناقبه، وقال: حكى لي ولده، قال: كان أحد بني قوام يتجر للمعظم عيسى في السكر وغيره، فمات، فوضع ديوان المعظم يدهم على التركة، وبعث المعظم إلى أبي يقول: هذا كان تاجرا لي، والتركة لي، وأريد تسليمها، فأبى عليه إلا بثبوت شرعي أو يحلف، فقال المعظم: والله ما أحقق ما لي عنده، ولم يثبت شيئا.
قال أبو المظفر: وحكى لي جماعة أن الملك العادل كتب إليه يوصيه في حكومة، فأحضر الخصم وفي يده الكتاب لم يفتحه وظهر الخصم على حامل الكتاب إلى القاضي، فقضى عليه، ثم قرأ الكتاب، ورمى به إليه، وقال: كتاب الله قد حكم على هذا الكتاب. فبلغ العادل قوله فقال: صدق كتاب الله أولى من كتابي. وكان يقول للعادل: أنا ما أحكم إلا بالشرع وإلا فما سألتك القضاء، فإن شئت، وإلا فأبصر غيري. وحكى لي الشمس بن خلدون قال: أحضر القاضي) عماد الدين بين يدي أبيه صحن حلوى وقال: كل فاستراب، وقال: من أين هذا تريد أن تدخلني النار ولم يذقه.
قال أبو شامة: هو الذي ألح على أبيه حتى تولى القضاء. وحدثني عماد الدين قال: جاء إليه شرف الدين ابن عنين، فقال: السلطان يسلم عليك ويوصي بفلان فإن له محاكمة، فغضب، وقال: الشرع ما يكون فيه وصية، لا فرق بين السلطان وغيره في الحق.
وقال المنذري: سمعت منه. وكان مهيبا، حسن السمت، مجلسه مجلس وقار وسكينة، يبالغ في الإنصات إلى من يقرأ عليه. توفي في رابع ذي الحجة، وهو في خمس وتسعين سنة.