تاريخ الإسلام - الذهبي - ج ٤٣ - الصفحة ٢٦
فإن كنت سلطانا فاعمل مصافا. فجعل) يغالطه ولا يجيبه، لكنه أمر أهل فرغانة والشاش واسبيجاب وكاسان وتلك البلاد النزهة العامرة بالجلاء والجفل إلى سمرقند وغيرها، ثم خربها جميعها خوفا من التتار أن يملوكها. ثم اتفق خروج جنكزخان والتتار الذين أخربوا خراسان على كشلوخان، فاشتغل بحربهم مدة عن السلطان خوارزم شاه فرجع إلى بلاد خراسان.
قلت: وكان هذا الوقت أول ظهور الطاغية جنكزخان، وأول خروجه من أراضيهم إلى نواحي الترك وفرغانة. وأراضيهم براري من بلاد الصين.
قال الموفق عبد اللطيف بن يوسف في خبر التتار: هو حديث يأكل الأحاديث، وخبر يطوي الأخبار، وتاريخ ينسي التواريخ، ونازلة تصغر كل نازلة، وفادحة تطبق الأرض وتملؤها ما بين الطول والعرض. وهذه الأمة لغتهم مشوبة بلغة الهند لأنهم في جوارهم، وبينهم وبين تنكت أربعة أشهر. وهم بالنسبة إلى الترك عراض الوجوه، واسعو الصدور، خفاف الأعجاز، صغار الأطراف، سمر الألوان، سريعو الحركة في الجسم والرأي، تصل إليهم أخبار الأمم، ولا تصل أخبارهم إلى الأمم، وقلما يقدر جاسوس أن يتمكن منهم لأن الغريب لا يتشبه بهم، وإذا أرادوا جهة كتموا أمرهم ونهضوا دفعة واحدة، فلا يعلم بهم أهل بلد حتى يدخلوه، ولا عسكر حتى يخالطوه، فلهذا تفسد على الناس وجوه الحيل، وتضيق طرق الهرب، ويسبقون التأهب والاستعداد. ونساؤهم يقاتلن كرجالهم، وربما كان للمرأة رضيع فتعلقه في عنقها وترمي بالقوس. يرد على البلد منهم أولا نفر يسير حتى يطمع فيهم أهله، فينتشرون وراءهم حتى يبعدوا وذاك النفر منهزمون بين أيديهم، ثم ينهالون عليهم كقطع الليل فيعجلونهم عن المدينة فيجعلونهم كالحصد، ويدخلون المدينة فيقتلون النساء والصبيان بغير استثناء. وأما الرجال فربما أبقوا منهم من كان ذا صنعة أو قوة في الخدمة.
(٢٦)
مفاتيح البحث: خراسان (2)، الهند (1)، الأكل (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 21 22 23 24 25 26 27 28 29 30 31 ... » »»