تاريخ الإسلام - الذهبي - ج ٤٢ - الصفحة ١٩٠
القاضي، قد علمت أن الأمور قد ضاقت علي، وليس لي إلا حسن نظرك، وإصلاح الأمر بمالك، أو برأيك، أو بنفسك.
فقال: جميع ما أنا فيه من نعمتكم، ونحن نقدم الرأي أولا والحيلة، ومتى احتيج إلى المال فهو بين يديك.
فوردت رسالة من العادل إلى القاضي الفاضل باستدعائه، ووقع الاتفاق.
وقد حكي عنه ما هو أبلغ من هذا، وهو أن عبد الكريم بن علي أخا القاضي الفاضل كان يتولى الجيزة زمانا وحصل الأقوال فجرت بينه وبين الفاضل نبوة أوجبت اتضاعه عند الناس فعزل، وكان متزوجا بابنة ابن ميسر، فانتقل بها إلى الإسكندرية، فضايقها وأساء عشرتها لسوء خلقه، فتوجه أبوها وأثبت عند قاضي الإسكندرية ضررها، وأنه قد حصرها في بيت، فمضى القاضي بنفسه، ورام أن يفتح عليها فلم يقدر فأحضر نقابا فنقب البيت وأخرجها ثم أمر بسد النقب، فهاج عبد الكريم وقصد الأمير جهاركس فخر الدين بالقاهرة وقال: هذه خمسة آلاف دينار لك، وهذا أربعون ألف دينار للسلطان، وأولى قضاء الإسكندرية. فاخذ من المال، واجتمع بالملك العزيز ليلا، وأحضر له الذهب.
وحدثه، فسكت ثم قال: رد عليه المال، وقل له: إياك والعود إلى مثلها، فما كل ملك يكون) عادلا، فأنا أبيع أهل الإسكندرية بهذا المال.
قال جهاركس: فوجمت وظهر علي، فقال لي: أراك واجما، وأراك أخذت شيئا على الوساطة.
قلت: نعم. قال: كم أخذت قلت: خمسة آلاف دينار. فقال: أعطاك ما لا تنتفع به إلا مرة، وأنا أعطيك في قبالته ما تنتفع به مرات.
ثم أخذ القلم ووقع لي بخطه من جهة تعرف بطنبزة كنت أستغلها سبعة آلاف دينار.
قلت: وقد قصد دمشق وملكها، كما ذكرنا في الحوادث، وأنشأ بها المدرسة العزيزية. وكان السكة والخطبة باسمه بها وبحلب.
وخلف ولده الملك المنصور محمد بن عثمان، وهو ابن عشر، فأوصى
(١٩٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 185 186 187 188 189 190 191 192 193 194 195 ... » »»