عصف الريح إلى أن تغطت النجوم، وكانت تسكن وتعود عودا عنيفا، ففر النذاس والنساء والأطفال، وخرجوا من دورهم لا يستطيعون حيلة، ولا يهتدون سبيلا، بل يستغيثون ربهم، ويذكرون دينهم. ولا يستغربون العذاب، لأنهم على موجباته مصرون وفي وقت وقوع واقعاته باستحقاقه مقرون معتصمين بالمساجد الجامعة، وملتقين الآية النازلة من السماء بالأعناق الخاضعة، بوجوه عانية، ونفوس عن الأموال والأهل سالية. وقد انقطعت من الحياة علقهم، وعميت عن النجاة طرقهم، فدامت إلى الثلث الأخير وأصبح كل يسلم على رفيقه بسلامة طريقه، ويرى أنه بعث بعد النفخة وأفاق بعد الصرخة. وتكشر عدة مراكب في البحار، وتقلعت الأشجار الكبار، ومن كان نائما في الطرق من المسافرين دفنته الريح حيا، وركب فما أغنى الفرار شيئا، والخطب أشق، وما قضيت بعض الحق. فما من عباد الله من رأى القيامة عيانا إلا أهل بلدنا، فما اقتض الأولون مثلها في المثلات، والحمد لله الذي جعلنا نخبر عنها ولا تخبر عنا. في كلام طويل.
4 (أخذ الفرنج بيروت)) وفيها أخذت الفرنج بيروت، وكان أميرها الأمير عز الدين سامة لما سمع بوصول العدو إلى صيدا هرب، فملكها الفرنج ثاني يوم. وفيه صنف:
* سلم الحصن ما عليك ملامة * ما يلام الذي يروم السلامه * * فعطاء الحصون من غير حرب * سنة سنها ببيروت سامه *