تاريخ الإسلام - الذهبي - ج ٣٩ - الصفحة ٣٣٦
منقوطا معربا. وأول سماعه من عبد الرحمن بن حمد الدوني في سنة خمس وتسعين وأربعمائة. وبرع على حفاظ عصره في حفظ ما يتعلق بالحديث في الأنساب، والتاريخ، والأسماء، والكنى، والقصص، والسير.
ولقد كان يوما في مجلسه، وجاءته فتوى في أمر عثمان رضي الله عنه، فأخذها وكتب فيها من حفظه، ونحن جلوس، درجا طويلا، ذكر فيه نسبه، ومولده، ووفاته، وأولاده، وما قيل فيه، إلى غير ذلك.
وله التصانيف في الحديث، والزهد والرقائق، وصنف زاد المسافر في نحو خمسين مجلدا.
وكان إماما في القرآن وعلومه، وحصل من القراءات المسندة، إنه صنف العشرة والمفردات، وصنف في الوقف والابتداء، والتجويد، والماءآت، والعدد ومعرفة القراء وهو نحو من عشرين مجلدا.
واستحسنت تضانيفه في القرآن، وكتبت، ونقلت إلى خوارزم والشام. وبرع عليه جماعة كثيرة في علوم القرآن.
وكان إذا جرى ذكر القراء يقول: فلان مات في سنة كذا، وفلان مات في سنة كذا، وفلان يعلو إسناده على فلان بكذا.
وكان إماما في النحو واللغة، سمعت أن من جملة ما حفظ في اللغة كتاب الجمهرة، وخرج له تلامذة في العربية أئمة يقرأون بهمذان. وفي بعض من رأيت من أصحابه من جملة محفوظاته كتاب الغرايبين للهروي. وكان عتيقا من حب المال، مهينا له، باع جميع ما ورثه، وكان من أبناء التجار، وأخرجه في طلب العلم، حتى سافر إلى بغداد، وإصبهان مرات كثيرة ماشيا، وكان يحمل كتبه على ظهره. وسمعته يقول: كنت أبيت ببغداد في المساجد، وآكل خبز الدخن.
(٣٣٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 331 332 333 334 335 336 337 338 339 340 341 ... » »»