تاريخ الإسلام - الذهبي - ج ٣٦ - الصفحة ١٩٣
تبدل الأمور والأحوال دورانه، واستوفى أكثر الكفاة في الدولة أعمارهم، وانقرض من الصدور بقايا آثارهم.
واحتاجت المملكة إلى من يلم شعثها، وينفي خبثها، ويحل صدر الوزارة مستحقها، ويرجحن بالظلم جانب النصفة وشتها، فاقتضى الرأي المصيب الاستضاءة في الملك بنور رأيه، فصار الأمر عليه فرض عين، ووقع الاختيار عليه من البين.) والتزم قصر اليد عن الرشا والتحف، وإحياء رسوم العدل والإنصاف.
وهو الآن على المسيرة التي التزمها يستفرغ في مناقبة أهل العلم أكثر أوقاته، صرف الله عنه بوائق الدهر وآفاته.
وذكر الكثير من هذا.
4 (حرف العين)) 4 (عبد الملك الطبري.)) الزاهد، شيخ الحرم في زمانه.
ذكره ابن السمعاني في ذيله فقال: كان أحد المشهورين بالزهد والورع: أقام بمكة قريبا من أربعين سنة على الجهد والاجتهاد وفي العبادة، والرياضة، وقهر النفس.
وكان ابتداء أمره أنه كان يتفقه في المدرسة، فلاح له شيء فخرج على التجريد إلى مكة، وأقام بها.
وكان يلبس الخشن، ويأكل الخشب، ويزجي وقته على ذلك صابرا.
سمعت أبا الأسعد هبة الرحمن القشيري يقول: لما كنت بمكة أردت زيارته فأتيته فوجدته محموما منطرحا، فتكلف وجلس، وقال: أنا إذا حممت أفرح بذلك، لأن النفس تشتغل بالحمى، فلا تشغلني عما أنا فيه، وأخلو بقلبي كما أريد.
وقال الحسين الزغندي: رأيت حوضا يقال له عنبر، والماء في أسفله، بحيث لا تصل إليه اليد، فرأيت غير مرة أن الشيخ عبد الملك توضأ منه، وارتفع الماء إلى أن وصل إليه، ثم غار الماء، ونزل بعد فراغه.
(١٩٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 188 189 190 191 192 193 194 195 196 199 200 ... » »»