تاريخ الإسلام - الذهبي - ج ٣٢ - الصفحة ٤٧
عليك إلا ما رجعت إلى مرو، فإني لا أطيق فراقك.
قال: فانتبهت مغموما، وقلت أشاور الشيخ سعد، فمضيت إليه وهو قاعد في الحرم، ولم أقدر من الزحام أن أكلمه، فلما تفرق الناس وقام تبعته إلى داره، فالتفت إلي وقال: يا أبا المظفر، العجوز تنتظرك. ودخل البيت.
فعرفت أنه تكلم على ضميري، فرجعت مع الحاج تلك السنة.
قال أبو سعد: كان أبو القاسم حافظا، متقنا، ثقة، ورعا، كثير العبادة، صاحب كرامات وآيات.
وإذا خرج إلى الحرم يخلوا المطاف، ويقبلون يده أكثر مما يقبلون الحجر الأسود.
وقال محمد بن طاهر: ما رأيت مثله، سمعت أبا إسحاق الحبال يقول: لم يكن في الدنيا مثل أبي القاسم سعد بن علي الزنجاني في الفضل. وكان يحضر معنا المجالس، ويقرأ الخطأ بين يديه، فلا يرد على أحد شيئا، إلا أن يسأل فيجيب.
قال ابن طاهر: وسمعت الفقيه هياج بن عبيد إمام الحرم ومفتيه يقول: يوم لا أرى فيه سعد بن) علي لا أعتد أني عملت خيرا.
وكان هياج يعتمر ثلاث مرات. وسيأتي ذكره.
قال ابن طاهر: كان الشيخ سعد لما عزم على المجاورة عزم على نيف وعشرين عزيمة أنه يلزمها نفسه من المجاهدات والعبادات. ومات بعد أربعين
(٤٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 42 43 44 45 46 47 48 49 50 51 52 ... » »»